المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

107

 

 

 

اختصاص الأصل ببعض الأطراف:

 

التنبيه الثاني: أنّه رتّب على القول بكون العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة ـ كما قال به بعضهم ـ أو كون تأثيره في ذلك بمجرد الاقتضاء ـ كما اخترناه ـ، اّنـّه على الأوّل لا يجري الأصل في بعض أطراف العلم الإجمالي وان لم يكن معارض، وعلى الثاني يجري الأصل عند عدم المعارض، والمحقّق النائيني (رحمه الله)ذكر على ما في تقرير بحثه(1) : أنّ هذه الثمرة مجرّد ثمرة فرضيّة، ولا تتّفق بحسب الخارج، ونحن عقدنا هذا التنبيه هنا لنذكر أولاً: ما هو التحقيق في مسألة جريان الأصل في بعض الأطراف بلا معارض في الصور المختلفة التي يتصوّر فيها ذلك، ونتعرّض بعد ذلك لكلام المحقّق النائينيّ (رحمه الله) ومناقشته.

فنقول: إنّ اختصاص الأصل ببعض أطراف العلم الاجماليّ يكون في ثلاث صور:

 

فرض الاختصاص في نفسه:

الصورة الاُولى: أن يكون هذا الاختصاص لأجل عدم كون الطرف الآخر مجرىً للأصل في نفسه، أي بقطع النظر عن محذور الترجيح بلا مرجّح، كما لو علم إجمالاً بأنـّه إمـّا لم يصلِّ صلاته الحاضر وقتها، وإمـّا أنّ هذا الجبن حرام؛ لوجود الميتة فيه، فالطرف الأوّل ليس مجرىً للاصل المؤمّن في نفسه؛ لأنّ الشكّ فيه شك في الفراغ لا في أصل التكليف، فهو مجرىً لقاعدة الاشتغال، لا للأصل المؤمّن، وهنا يقول الاصحاب ـ حتى القائلون بعلّيّة العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة ـ بجريان الأصل المؤمّن في الطرف الخاصّ به، لأنّ العلم الإجماليّ ـ حتى بناءً على علّيّته لذلك ـ منحلّ بجريان الأصل المثبت في أحد الطرفين، وهو أصالة الاشتغال،


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 12 ـ 16، وأجود التقريرات: ج 2، ص 245 ـ 249.