المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

103

للمطابقيّة، بناءً على مبناه من إنكار هذه التبعيّة، على أنّ الدلالتين في المقام عرضيّتان لا طوليّتان.

وإن فرض الثاني، فالكلام هو عين الكلام على الفرض الأوّل، إلاّ أنـّه هنا يمكن التمسّك بأصالة البراءة أيضاً؛ إذ المفروض أنّ وجوب الحجّ أثر لمطلق عدم وجوب الدين ولو ظاهراً.

وإن فرض الثالث، فهنا نقول: إنّ العلم الإجماليّ يستحيل تنجيزه في المقام، إذ يشترط في تنجيزه أن يكون كلا طرفيه قابلاً للتنجيز في عرض واحد، وهنا ليس الأمر كذلك، إذ لو تنجّز الدين لم يعقل تنجّز الحجّ، لأنّ المفروض أنّ وجوبه فرع عدم تنجّز الدين.

هذا ما أفاده المحقّق العراقيّ (رحمه الله) في المقام. ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ التمسّك أوّلاً بدلالة دليل الأصل على الأثر، وهو وجوب الحجّ، ثمّ الأخذ بدلالته على نفي وجوب أداء الدين إنّما يتمّ لو سلّمنا أن دليل الأصل متكفّل لبيان حكمين، وهذا في أصالة البراءة ممنوع عندنا وعندهم، فلا يدلّ الأصل إلاّ على حكم واحد، وهو رفع وجوب أداء الدين، ويترتّب عليه وجوب الحجّ ذاتاً ترتّب الحكم على موضوعه، من باب أنّ المفروض أنـّه اُخذ في موضوعه عدم وجوب الدين ولو ظاهراً، فلا بدّ أولاً من إثبات عدم وجوب الدين، حتى يثبت وجوب الحجّ، فالنقض في هذا الفرض وارد عليه.

نعم، في الاستصحاب لا بأس بهذا الكلام حسب مبناه (قدس سره)، لكن يرد عليه الإشكال المبنائيّ، حيث إنـّه سوف يأتي ـ إن شاء اللهـ في بحث الاستصحاب أنّ الصحيح أنّ دليل الاستصحاب لا يتكفّل عدا جعل ذات المستصحب، دون آثاره الشرعيّة، ولا العقليّة ولا العاديّة، لكن الآثار الشرعيّة تترتّب ذاتاً بالبيان الذي سوف يأتي هناك(1)، بخلاف الآثار العقليّة والعاديّة.

 


(1) سوف يأتي في بحث الاستصحاب أنّ معنى التعبّد بالمستصحب هو الأمر بالجري العمليّ وفق ما يتطلّبه عقلا ً اليقين بالمستصحب، وأنّ أثر الأثر إذا كانا شرعيّين يترتّب باعتبار كون المستصحب جزء موضوع الأثر الثاني، فيرجع إلى الأثر المباشر.

أقول: إذا رجع الى الأثر المباشر، فترتّبه يكون في عرض ترتّب الأثر الأوّل، إذن فيتمّ ما