المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

102

الأصل الترخيصيّ في بعض الأطراف في موردين:

المورد الأوّل: ما إذا جعل الطرف الآخر بدلاً عن الواقع، أي أن يعبّدنا الشارع بأنـّه هو الواقع. وهذا ما مضى في ما سبق، ومضى تحقيق الحال فيه.

المورد الثاني: ما إذا انحلّ العلم الإجماليّ. و أحد أسباب انحلال العلم الإجماليّ عند المحقّق العراقيّ (رحمه الله) هو جريان الأصل المثبت للتكليف في أحد الجانبين، فلا بدّ من أن يجري أوّلاً الأصل المثبت في أحد الطرفين، حتى ينحلّ العلم الإجماليّ، ثمّ يجري الأصل الترخيصيّ في الجانب الآخر. وهذا ما يأتي بيانه ـ إن شاء الله ـ بعد هذا، مع الإيراد عليه.

الأمر الثاني: أنّ الفقهاء التزموا في هذه المسألة بجريان الأصل في الطرف الأوّل، ووجوب العمل بالطرف الثاني المترتّب على عدم الطرف الأوّل، فيجب عليه الحجّ مثلاً دون الوفاء بالدين.

وعليه يتضّح وجه كون هذا نقضاً على المحقّق العراقي (رحمه الله)، فإنـّه وإن فرض وجوب الحجّ، لكن هذا إنـّما هو في طول نفي وجوب الوفاء بالدين بالأصل الترخيصيّ، مع أنّ المفروض عند المحقّق العراقيّ أنّ الأصل الترخيصيّ إنـّما يجري بعد أن جعل الطرف الآخر بدلاً عن الواقع، أو ينحلّ العلم الإجماليّ بأصل مثبت في أحد الطرفين، وهنا جعل البدليّة مفقود، فلا بدّ أولاً من ثبوت وجوب العمل بأحد الطرفين، حتى ينحلّ العلم الإجماليّ، فيجري الأصل الترخيصيّ، لا أن يجري الأصل الترخيصيّ في بعض الأطراف، ويثبت بعد ذلك وجوب العمل بالطرف الآخر.

وذكر المحقّق العراقيّ (رحمه الله) في مقام الجواب عن هذا النقض: أنـّه تارةً يفترض أنّ وجوب الحجّ موقوف على عدم وجوب أداء الدين واقعاً، واُخرى يفترض أنـّه موقوف على مطلق عدم الوجوب ولو ظاهراً، وثالثة يفترض أنـّه موقوف على مطلق المعذوريّة عن أداء الدين، أي: عدم تنجّز ذلك عقلاً عليه.

فإن فرض الأوّل فاستصحاب العدم في جانب الدين محكّم في المقام، إذ الاستصحاب يدلّ بالمطابقة على ذات المستصحب، وبالملازمة على آثار المستصحب، فهنا كما يدلّ على عدم الدين كذلك يدلّ على وجوب الحجّ، ونحن نأخذ أولاً بالدلالة الثانية فينحلّ بها العلم الإجماليّ، ثمّ نأخذ بالدلالة الاُولى.

ولا يرد على المحقّق العراقيّ إشكال تبعيّة الدلالة الالتزاميّة في الحجّيّة