المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

75

الكريمة الدالّة على أنّ الواقع غير الواصل لا يقع مورداً للابتلاء بالنسبة للمكلّف.

والظاهر من المعنيين هو الثاني، وكون نسبة الفعل في الآية إلى الموصول نسبة السببيّة خلاف الظاهر في نفسه، مضافاً إلى أنّه لا يجتمع مع إرادة المال من الموصول، ولابدّ من كون المال مراداً من الموصول حتّى يلائم مورد الآية، وكون نسبة الفعل إلى المال نسبة النشوئيّة والسببيّة خلاف الفهم العرفيّ، فإنّ الذوق العرفيّ يعتبر المال الواجب إنفاقه مورداً للكلفة لا منشأ للكلفة، فبقرينة ذلك نعرف أنّ نسبة الفعل إلى التكليف أيضاً في الآية نسبة المورديّة(1). هذا تمام الكلام في هذه الآية الشريفة. والإنصاف أنّها خير دليل على البراءة الشرعيّة بمعنى لا يرتفع موضوعه بإيجاب الاحتياط.

ولا حاجة إلى تتميم الاستدلال بالآية، أو تأييده بورود خبر في المقام، وهو ما رواه عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): (أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟) قال: فقال: «لا»، قلت: (فهل كلّفوا المعرفة؟) قال: «لا، على الله البيان، لا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها، ولا يكلّف الله نفساً إلاّ ما آتاها...»(2).



(1) لا يخفى أنّ النسبة النشوئيّة وإن كانت لا تناسب المال ولكنّها تناسب الفعل، وكان أحد محتملات الموصول أن يكون المراد به هو الفعل، وهذا أيضاً يناسب مورد الآية، فإذا فرضنا كون هذا الاحتمال أظهر من احتمال إرادة المال؛ لأنّه يحفظ كلّيّة الكبرى، أو فرضناه مساوياً للاحتمال الأوّل، فإثبات الجمع بينهما بالإطلاق لا يمكن؛ لأنّ احتمال نشوئيّة النسبة صالح للقرينيّة على عدم إرادة المال، إلاّ أن يقال: إنّ عدم إرادة المال مع كونه منظوراً إليه في المورد غير عرفيّ رغم كفاية إرادة الفعل في شمول الآية للمورد.

(2) اُصول الكافي، ج 1، باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة، ح 5، ص 163 بحسب الطبعة الجديدة.