المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

71

ولا منشأ لتوهّم صيرورته في المقام مفعولاً مطلقاً عدا تخيّل أنّ المراد بالفعل في قوله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ﴾ هو نفس المراد بالموصول، أعني: التكليف بمعناه الاصطلاحيّ المساوق لجعل الحكم، وليس الأمر كذلك، بل المراد به هو التكليف بمعناه اللغويّ، وهو جعل الإنسان في الكلفة والمشقّة وتثقيل كاهله، وإنّما يعبّر عن الحكم الشرعيّ بالتكليف باعتبار التعبير عن السبب بمسبّبه وبما ينشأ عنه، والتكليف بهذا المعنى اللغويّ يتعلّق بالتكليف بمعنى الحكم الشرعيّ على حدّ تعلّقه بالمال والفعل ـ أي: أنّه يتعلّق به تعلّق الفعل بالمفعول به، لا بالمفعول المطلق ـ لوضوح المغايرة بينهما، إذن فالاسم الموصول إذا حملناه بالإطلاق ومقدّمات الحكمة على الجامع بين المال والفعل والتكليف، كانت نسبة الفعل إليه نسبة الفعل إلى المفعول به، ولا يلزم من ذلك الجمع بين النسبتين، وبذلك يتمّ الاستدلال بالآية الشريفة على البراءة تمسّكاً بإطلاق الموصول(1).



(1) وقد جاءت في المقالات، ج 2، ص 53 كلمة مختصرة تشير إلى إمكان حمل النسبة في الآية على نسبة الفعل إلى المفعول به رغم فرض شمول إطلاق الموصول للتكليف، وكنتُ أحدس أنّ هذا إشارة إلى جواب المحقّق النائينيّ(رحمه الله)عن الإشكال، فالمحقّق العراقيّ(قدس سره) له جوابان عن الإشكال أحدهما: ما مضى عنه في المتن، والثاني: ما مضى عن المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في المتن، ثمّ رأيت في نهاية الأفكار التي هي تقرير لبحث المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 203 ذكراً لما ذكره اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من حمل التكليف في قوله: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ﴾ على معنى الكلفة والمشقّة، وعليه ففي أكبر الظنّ أنّ تلك الكلمة المختصرة الواردة في المقالات إشارة إلى ذلك، فللمحقّق العراقيّ جوابان على الإشكال: أحدهما ما مضى عنه، والثاني حمل النسبة على نسبة الفعل إلى المفعول به بنكتة حمل التكليف على معنى الكلفة والمشقّة.