المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

69

والآخر: مطلق ما يدبّ على وجه الارض، فعندئذ لا يمكننا أن نثبت بالإطلاق كون المراد هو الثاني، هذا حال إجراء مقدّمات الحكمة في نفس النسبة كما يقصده المحقّق العراقيّ(قدس سره)(1).

وأمّا إن اُريد إجراؤها في طرفي النسبة، حيث إنّهما سعة وضيقاً يساويان النسبة، فتجري المقدّمات في الطرفين وتثبت بالملازمة سعة النسبة، ورد عليه: أنّ الطرفين مكتنفان بما يصلح للقرينيّة، وهو الهيئة المفروض اشتراكها بين نسبة وسيعة ونسبة ضيّقة، وضيقها قرينة على ضيق ما اُريد من الطرفين.

وإن أراد بذلك: أنّ نسبة الفعل إلى المفعول به ونسبته إلى المفعول المطلق بينهما جزء مشترك، من قبيل اشتراك الإنسان بين الإنسان الأسود والإنسان الأبيض، والهيئة موضوعة لذلك القدر المشترك ومستعملة فيه من دون فرض نسبة ثالثة في المقام، وما به الامتياز لإحدى النسبتين منفيّ بمقدّمات الحكمة، ورد عليه: أنّ خصوصيّات النسب ـ كما حقّقنا في بحث المعاني الحرفيّة ـ مقوّمة لتلك النسب وذاتيّة لها، وكلّ نسبة مباينة للنسبة الاُخرى مفهوماً، فالجامع بينهما لا يكون إلاّ جامعاً انتزاعيّاً ومعنىً اسميّاً لا واقع النسبة، فإنّ أيّ واقع نسبة فرضنا عدم ثبوت خصوصيّتي هاتين النسبتين له تكون نسبة ثالثة مباينة لهما.

وأمّا المحقّق النائينيّ(رحمه الله) فقد أجاب على الإشكال بأنّه إنّما يلزم كون اسم الموصول في الآية الشريفة مفعولاً به ومفعولاً مطلقاً لو فرض إرادة التكليف منه بالمعنى المصدريّ مضافاً إلى إرادة المال والفعل، ولكن يمكن إرادة التكليف منه بمعنى اسم المصدر، فإنّ التكليف تارةً يعتبر بما هو حدث، واُخرى يعتبر بما هو



(1) بل مقصود المحقّق العراقيّ(رحمه الله) إجراؤها في أطراف النسبة كما يظهر بمراجعة المقالات ونهاية الأفكار.