المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

504

المقام، فإنّه وإن كانت المزاحمة بين حكمين عقليّين لا بين غرضين بحسب عالم القدرة، لكنّ حكم العقل بالطاعة يكون بملاك أغراض المولى، ويكون روحه عبارة عن حكم العقل على العبد بأنّه يجب أن يكون في مقام تحصيل أغراض المولى بمنزلة آلة تكوينيّة بيد المولى يحرّكها حيث يشاء، ولو كان أحد الغرضين أهمّ ـ فلا محالة ـ يحكم العقل بالانبعاث نحو ذلك الأهمّ، ولا يكون الغرض المهمّ على تقدير موافقة الأهمّ داخلاً تحت دائرة حقّ المولويّة.

وتحقيق الكلام في المقام: أنّه إن فرض الغرضان متساويين وجب الرجوع إلى


المزاحمة بين إيجاب الاحتياط والتكليف الآخر غير الأهمّ، فيقدّم إيجاب الاحتياط لأهمّيّة ملاكه.

أقول: بقطع النظر عن أنّه ليست الأهمّيّة المعلومة دائماً بمستوىً يوجب القطع بإيجاب الاحتياط، إنّنا إن آمنّا بأصل فكرة كون تأثير العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة معلّقاً على عدم انصدامه بالمخالفة القطعيّة، لكون تأثيره لحرمة المخالفة القطعيّة علّيّاً ولوجوب الموافقة القطعيّة اقتضائيّاً، إذن لا يبقى مجال لإيجاب الاحتياط الشرعيّ أيضاً بشكل يؤدّي إلى مخالفة قطعيّة للعلم الإجماليّ، وإن لم نؤمن بذلك وجب الترجيح حتّى باحتمال الأهمّيّة على ما اتّضح من ثنايا البحث، من أنّ نفي هذا الترجيح يتوقّف على الإيمان بتلك الفكرة؛ لأنّ التقريب الثاني لو فصل عن التقريب الأوّل ورد عليه ما بيّنه اُستاذنا الشهيد في المتن.

وعلى أيّة حال، فالإنصاف أنّ الحكم في المثال الذي ذكره السيّد الخوئيّ بالمنع عن القتل ـ لو أدّى إلى المخالفة القطعيّة لوجوب ذبح الشاة ـ واضح كلّ الوضوح، وهو من فضائح القول بكون وجوب الموافقة القطعيّة معلّقاً على عدم الانصدام بالمخالفة القطعيّة لعلّيّة العلم لحرمة الثاني واقتضاء الأوّل.