المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

502

وعلى أيّ حال نقول: إنّ هذا التقريب(1) يرد عليه منع عدم تأثير الأهمّيّة في


متزاحمين في عالم الامتثال، لكونه قادراً على امتثالهما معاً، فلا يسقط إطلاق دليل محتمل الأهمّيّة لو كان الدليلان لفظيّين لهما إطلاق، ولايحصل القطع بجواز تفويت ملاك غيره بسبب المزاحمة. أمّا ذاك البيان الغريب فهو دعوى أنّ تنجّز الموافقة القطعيّة ساقط في المقام؛ لأنّ الموافقة القطعيّة لهما معاً غير ممكن، فيسقط العلم عن التنجيز بالنسبة لوجوب الموافقة القطعيّة، ولكن بما أنّ المخالفة القطعيّة لكليهما ممكن فالعلمان يؤثّران في تحريم المخالفة القطعيّة، فالنتيجة هي لزوم الموافقة الاحتماليّة في كلّ من الجانبين.

وهذا الكلام بظاهره غريب، فإنّ وجوب الموافقة القطعيّة لكلّ منهما كما يزاحم وجوب الموافقة القطعيّة للآخر كذلك يزاحم حرمة المخالفة القطعيّة للآخر، فلماذا نفترض سقوط الموافقتين القطعيّتين أوّلاً، ثمّ بقاء المخالفتين القطعيّتين على الحرمة بلا مزاحم؟

وبكلمة اُخرى: إنّ وجوب الموافقة القطعيّة لكلّ منهما يزاحم وجوب الموافقة على مستوى الاحتماليّة للآخر، فيتخيّر بين الموافقة القطعيّة لأحدهما والموافقة الاحتماليّة لكليهما، ولعلّ لبّ المقصود هو ما مضى من دعوى أنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة، ومقتض لوجوب الموافقة القطعيّة، فيصبح وجوب الموافقة القطعيّة معلّقاً على عدم الانصدام بالمخالفة القطعيّة.

(1) لو ركّب بين هذا التقريب والتقريب الأوّل، كما نقله اُستاذنا الشهيد عن اُستاذه نقلاً ظنّيّاً، بأن يوضّح أوّلاً عدم تأثير الأهمّيّة في المقام، لعدم التزاحم بين الامتثالين، ثمّ يتمسّك بكون تأثير العلم الإجماليّ لحرمة المخالفة القطعيّة علّيّاً، وتأثيره لوجوب الموافقة القطعيّة اقتضائيّاً معلّقاً على عدم الانصدام بالمخالفة القطعيّة، رجع هذا ـ في روحه ـ إلى التقريب الأوّل، ولم يكن تقريباً مستقلاًّ وقد مضى أنّ هذا الإشكال عندئذ لا