المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

501

التقريب الثاني: أنّ الترجيح بالأهمّيّة إنّما هو في فرض مزاحمة أغراض المولى في مقام الجعل من ناحية عدم مقدرة المكلّف على الامتثال، فعندئذ يرفع المولى يده عن إطلاق الحكم بالمهمّ. وأمّا هنا فلا مزاحمة بين الغرضين؛ لقدرة العبد على امتثال كليهما، فالحكمان ثابتان على حالهما من الإطلاق قطعاً، وإنّما التزاحم في حكم العقل بلزوم الإطاعة هنا وحكمه بلزوم الإطاعة هناك، وليس ملاك حكم العقل بلزوم الإطاعة هو المصالح والمفاسد، وإنّما ملاكه هو إلزام من له حقّ الإلزام، والعقل يحكم بلزوم إطاعة إلزامات المولى الناشئة من ملاك مهمّ، على حدّ حكمه بلزوم إطاعة إلزاماته الناشئة من ملاك أهمّ، وعلى هذا ففيما نحن فيه لا معنى لملاحظة الأهمّيّة والمهمّيّة، بل يلاحظ حكم العقل بوجوب الموافقة، فيقال: إنّ الموافقة القطعيّة لكلا الحكمين محال، فتصل النوبة إلى الموافقة الاحتماليّة لهما.

هذا هو ما يتحصّل من الدراسات(1)، وأظنّ أنّ السيّد الاُستاذ كان يضمّ إلى هذا الوجه الوجه الأوّل، فبعد أن يبيّن أنّه لا معنى هنا لملاحظة الأهمّيّة؛ إذ لا مزاحمة بين الغرضين المولويّين بحسب عالم القدرة، كان يقول: إنّنا نرجع عندئذ إلى حكم العقل بوجوب الموافقة وحرمة المخالفة، فنرى أنّ تأثير العلم الإجماليّ في حرمة المخالفة القطعيّة تنجيزيّ، وفي وجوب الموافقة القطعيّة تعليقيّ، فيتقدّم الأوّل على الثاني، وعليه يصبح هذا الكلام كلاماً فنّيّاً. وأمّا ما في الدراسات فهو كلام مشوّش وليس فنّيّاً(2).

 


(1) راجع الدراسات، ج 3، ص 213 ـ 217، والمصباح، ج 2، ص 339 ـ 342.

(2) السيّد الخوئيّ(رحمه الله) يثبت أوّلاً وجوب الموافقة الاحتماليّة لكلّ من العلمين بقطع النظر عن احتمال الأهمّيّة ببيان غريب، ثمّ يذكر: أنّ احتمال الأهمّيّة لا أثر له؛ لأنّهما ليسا