المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

500

بغرض أهمّ أو محتمل الأهمّيّة، فلِم لا يقبل هذا في مورد العلم الإجماليّ؟(1).



(1) لا يخفى أنّ هذا الإشكال إنّما يفيد كمُنبّه للوجدان على صحّة الإشكال الأوّل بأن يقال: إنّ عدم دخول المهمّ وجداناً تحت دائرة المولويّة بمستوى جرّ العبد من جانب الأهمّ إلى جانب المهمّ ولو في مرحلة الاحتياط ـ كما هو الحال في مرحلة الامتثال المعلوم تفصيلاً ـ ينبّه الوجدان إلى أنّ المقياس في الترجيح عند وجود الأهمّ والمهمّ، ليست هي قطعيّة الموافقة وقطعيّة المخالفة، والعلّيّة بالنسبة لحرمة الثانية والاقتضاء بالنسبة لوجوب الاُولى، وإنّما المقياس هي الأهمّيّة أو احتمالها. أمّا لو غضضنا النظر حقّاً عن الإشكال الأوّل، وافترضنا أنّ اقتضاء العلم الإجماليّ لوجوب الموافقة القطعيّة معلّق على عدم انصدامه بالمخالفة القطعيّة، لأجل علّيّة العلم بلحاظ حرمة المخالفة القطعيّة دون وجوب الموافقة القطعيّة، فمن الطبيعيّ أنّ ما يكون فعليّاً في المقام إنّما هو حرمة المخالفة القطعيّة لكلا العلمين رغم أهمّيّة أحد الحكمين.

وأمّا النقض بالعلم التفصيليّ بالمهمّ الذي يُضحّى به في سبيل الأهمّ، فغير وارد، لا بلحاظ الأمر ولا بلحاظ الغرض:

أمّا بلحاظ الأمر: فلأنّ التزاحم هناك يكون بين ذات الامتثالين فيسقط إطلاق المهمّ دون إطلاق الأهمّ. أمّا هنا فالتزاحم يكون بلحاظ وجوب الموافقة القطعيّة المفروض كون تعليقيّاً وساقطاً لدى مزاحمته لأمر تنجيزيّ، وهو حرمة المخالفة القطعيّة.

وأمّا بلحاظ الغرض: فلأنّ التزاحم بين الأهمّ والمهمّ في مورد العلم التفصيليّ إنّما يوجب سقوط حقّ المولويّة بلحاظ المهمّ، لتزاحمه بحقّ أشدّ في طرف الأهمّ، لا لفقدان مقتضي الحقّ في ذاته، من قبيل ما لو لم يكن الآمر مولىً، وفي المقام أيضاً مقتضي الحقّ في ذاته في طرف المهمّ موجود ولا مزاحم له؛ لأنّ الشيء المترقّب مزاحمته له عبارة عن اقتضاء العلم الإجماليّ بالأهمّ لوجوب الموافقة القطعيّة، والمفروض أنّه تعليقيّ، وأنّه ينتفي بفرض وجود مزاحم له، وهو مقتضي حرمة المخالفة القطعيّة في الطرف الآخر.