المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

499

قد يقال بالأوّل، وأنّه لا مجال هنا لملاحظة الأهمّ والمهمّ، وذلك بأحد تقريبين:

التقريب الأوّل: مبنيّ على القول بأنّ العلم الإجماليّ يكون علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة، ولا يكون علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، وإنّما يكون تأثيره في وجوب الموافقة القطعيّة تعليقيّاً، فيقال عندئذ: إنّ كلاًّ من العلمين يتقدّم في تأثيره في حرمة المخالفة القطعيّة على تأثير الآخر في وجوب الموافقة القطعيّة؛ إذ تأثير الأوّل كان تنجيزيّاً، وتأثير الثاني كان تعليقيّاً ـ أي: معلّقاً على عدم المانع ـ فالأوّل يمنع عن الثاني، كما هو الحال في كلّ مقتضيين أحدهما تنجيزيّ والآخر معلّق على عدم تأثير الأوّل.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّه بعد تسليم المبنى نقول: إنّ معنى تعليقيّة تأثير العلم الإجماليّ في وجوب الموافقة القطعيّة ـ عند من يقول به ـ ليس هو كونه معلّقاً على عدم تأثير المقتضي العقليّ الآخر، حتّى يصبح المقتضي الآخر مانعاً عنه، وإنّما معناه كونه معلّقاً على عدم وصول ترخيص من الشارع في ترك الموافقة القطعيّة، والمعلّق عليه هنا حاصل، فالمقتضي التعليقيّ منضمّـاً إلى ثبوت المعلّق عليه مقتض تنجيزيّ، فيقع التزاحم بين مقتضيين تنجيزيّين.

وثانياً: أنّ معنى تنجيزيّة تأثير العلم الإجماليّ في حرمة المخالفة القطعيّة ليس هو حتميّة تأثير في ذلك، حتّى لو فرض عدم المولويّة في مورد العلم التفصيليّ، ولذا لو علمنا إجمالاً بحكم من قِبل شخص لم يكن مولىً على من علم إجمالاً بحكمه فلا يقال بتنجيز علمه الإجماليّ لحرمة المخالفة القطعيّة، وعليه نقول: إنّ هذا الوجه لا يدفع دعوى تقديم جانب الأهمّ على جانب المهمّ؛ إذ يدّعى أنّه مع المزاحمة بالأهمّ لا يدخل المهمّ تحت دائرة حقّ المولويّة، ويتّفق هذا كثيراً في موارد القطع التفصيليّ، فالمكلّف مع قطعه التفصيليّ بتعلّق غرض المولى بشيء يتركه لمزاحمته