المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

494

قلت: هو قادر على ذلك بقدرته على التفتيش عن داع ينضمّ إلى ذاك الداعي، فإنّ تحصيل الداعي داخل تحت القدرة(1).

هذا كلّه إذا فرضنا عدم مزيّة في أحد الجانبين.

أمّا إذا فرض وجود مزيّة احتمالاً أو محتملاً في أحد الجانبين، وفرض الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه، لا إلى طرف معيّن، إمّا لما ذكرناه من الحلّ الفقهيّ، وإمّا لفرض المزيّة في جانب الوجوب، فإنّه عندئذ يمكن إيقاع الفعل على وجه عباديّ قطعاً، فالاضطرار يكون ـ لا محالة ـ إلى أحد الطرفين لا بعينه. وعندئذ إذا كان مختارنا في باب الاضطرار إلى أحد الطرفين لا بعينه هو التوسّط في التنجيز تأتّى فيما نحن فيه القول بتأثير العلم الإجماليّ بمقدار حرمة المخالفة القطعيّة.

ويأتي هنا عندئذ كلام، وهو: أنّه هل يكون الترخيص هنا تخييريّاً، أو يتعيّن الترخيص بجانب غير ذي المزيّة، ويبقى الجانب الآخر تحت منجّزيّة العلم، أو منجّزيّة الاحتمال بحيث لا تسوغ مخالفته حتّى عند موافقة الجانب الآخر؟ هذا بحث سبق تنقيحه في مبحث الانسداد.

وخلاصة الكلام فيه: أنّ الترخيص في جانب غير ذي المزيّة على تقدير موافقة ذي المزيّة مسلّم، والترخيص ـ زائداً على هذا ـ غيرُ معلوم، فيرجع في الجانب الآخر إلى منجّزيّة الاحتمال، أو منجّزيّة العلم الإجماليّ.

إن قلت: قد مضى في فرض دوران الأمر بين المحذورين مع كون كليهما توصّليّين: أنّ كون أحد الجانبين ذا مزيّة من حيث المحتمل لا يوجب تعيّنه بناءً



(1) ولو لم نقبل ذلك فلا أثر علميّ لهذا الإشكال، فإنّه لو لم ينضمّ مرجّح دنيويّ إلى الداعي الإلهيّ في جانب الفعل، فسيختار الترك لا الفعل بلا قربة.