المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

490

آخر ضدّ الفعل بداعي القربة، غاية الأمر أنّ هذه الحرمة المعلومة محتملة السقوط بالعجز عن تحصيل ملاكها؛ إذ على تقدير كونها حرمة غيريّة يكون تحصيل ملاكها بإتيان الضدّ الواجب، وهو الفعل بقصد القربة الذي مضى أنّ المكلّف عاجز عنه، فيدخل هذا تحت كبرى الشكّ في التكليف من ناحية الشكّ في القدرة على الامتثال الذي يقال فيه بالاشتغال ولزوم الاحتياط دون البراءة، فكم فرق بين هذا المورد وسائر موارد الاضطرار إلى أحد طرفي العلم الإجماليّ معيّناً، ففي سائر الموارد لم يكن هناك حكم واحد نقطع به لولا العجز، ونحتمل سقوطه بالعجز، بل كان أحد الطرفين يقطع بعدم التكليف به للقطع بالعجز فيه، والطرف الآخر يشكّ في التكليف به مع القطع بعدم العجز فيه.

وأمّا هنا فشيء واحد ـ وهو الفعل بداع آخر غير داعي القربة ـ يقطع بحرمته لولا العجز، ويحتمل سقوط حرمته بالعجز.

الثاني: أن يقال: إنّ تحريك الداعي الآخر للفعل غير الداعي القربيّ نقطع بكونه مبعّداً للعبد عن جانب غرض المولى، فإنّه إن تعلّق غرض المولى بالترك فمن الواضح أنّ تحريك هذا الداعي إلى الفعل يبعّدنا عن جانب غرضه، وإن تعلّق غرضه بالفعل بداعي القربة الذي هو ضدّ الفعل بداع آخر فأيضاً تحريك هذا الداعي يبعّدنا عن جانب غرض المولى؛ لأنّ تحريك الداعي نحو شيء كما يقرّب الإنسان نحو ذاك الشيء كذلك يبعّده عن ضدّ ذاك الشيء، ولو قلنا بملازمة فعل أحد الضدّين لترك الآخر لا بمقدّميّته له، وإذا كان تحريك هذا الداعي مبعّداً لنا عن جانب أغراض المولى فلا محالة يستقلّ العقل بقبحه.

والتحقيق: أنّ هذين التقريبين أو التعبيرين لا يفيدان شيئاً، فإنّهما محاولة لتركيز آثار الوجوب والحرمة في مركز واحد حتّى يتنجّز ذاك المركز ويتمحّض الشكّ في القدرة.