المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

49

الشرعيّ يكون على نفس ترك الاحتياط لا على ترك الواقع؛ لعدم بيان الواقع.

ونشأ من فكرة جعل الأمارة علماً وكاشفاً تامّاً تخيّل أنّ التفرقة بين الأمارات والاُصول إنّما هي في اللسان. ورتّبت على هذا ما رتّبوها على الفرق بين الأمارات والاُصول كحكومة الأمارات على الاُصول إلى غير ذلك من الآثار المنبثّة في المباحث العقليّة.

 

نظريّة حقّ الطاعة:

وهذا المنهج لتحقيق هذه المطالب باطل أساساً، فإنّنا بحسب الحقيقة يجب أن نتكلّم في الرتبة السابقة في حدود نفس المولويّة التي فرضوها غير قابلة للزيادة والنقصان، وأمراً محدّداً غير مشكّك، فقالوا: إنّه متى ما ثبتت هذه الحقيقة غير المشكّكة ترتّب على ذلك قانونان: حجّيّة القطع، وعدم حجّيّة الاحتمال، ونحن نقول: إنّ المولويّة أمر مشكّك، وتحقيق حالها هو الذي يتحكم في كلّ هذه الاُمور، فإنّ معنى المولويّة إنّما هو ثبوت حقّ الطاعة، وحقّ الطاعة قد يفرض ثبوته في الأحكام المقطوعة والمشكوكة معاً، فلا يبقى مجال لقبح العقاب بلا بيان؛ إذ ترك التكليف المشكوك عندئذ مخالف للحقّ، والعقاب على مخالفة الحقّ ليس قبيحاً، وقد يفرض اختصاصه بقسم خاصّ من الأحكام المقطوعة ـ وهو ما يهتمّ بها المولى اهتماماً شديداً، أو ما تتوقّف عليه حياة المولى مثلاً ـ فلو حصل القطع بحكم ليس في تلك الدرجة من الأهمّيّة لا يكون حجّة. ولا يصحّ أن يقال: إنّ الحجّيّة ذاتيّة للقطع فلا تنفكّ عنه، فإنّ هذا قلب لجوهر المسألة، وإنّما المسألة مسألة المولويّة، فلا حجّيّة القطع قاعدة برأسها، ولا قاعدة قبح العقاب بلا بيان قاعدة برأسها فضلاً عمّا تفرّعت عليهما من الآثار المنبثّة في التفكير الاُصوليّ.

وخلاصة الكلام: أنّ المولويّة تتصوّر بأنحاء كثيرة ودرجات مختلفة، فلو اُريد