المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

488

بحسب الفرض، إذن فالإشكال الذي أورده على المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من أنّه كان عليه القول بسقوط التكليف وارد عليه أيضاً(1)، وإنّما الذي يسلم من هذا الإشكال هو المحقّق النائينيّ القائل بمبنى التوسّط في التنجيز.



(1) لا يخفى أنّ هذا الإشكال إنّما يرد على ظاهر عبارة المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، حيث عطف المقام على باب الاضطرار، ولكن كان بإمكانه أن يفصّل بين باب الاضطرار وباب العجز التكوينيّ كما في المقام؛ لأنّ الاضطرار يوجب الترخيص الشرعيّ فيدّعي أنّ الترخيص ينافي العلّيّة التامّة للعلم الإجماليّ للتنجيز، فلا يتصوّر إلاّ مع التوسّط في التكليف.

أمّا العجز التكوينيّ فيسقط التنجيز قهراً، ولا ينبغي أن يكون المقصود بالعلّيّة التامّة للعلم كونه علّة تامّة لتنجيز الموافقة القطعيّة حتّى مع العجز، وإنّما ينبغي دعوى العلّيّة التامّة بعد فرض القدرة العقليّة، بل والشرعيّة، فإنكار التوسّط في التنجيز على أساس علّيّة العلم الإجماليّ لو تمّ فإنّما يتمّ في باب الاضطرار المرخّص لا في باب العجز التكوينيّ عن الموافقة القطعيّة كما في المقام، بل ولا الشرعيّ على أساس الاضطرار المؤدّي إلى تلف النفس مثلاً لو لم يعالجه بالارتكاب.

وهنا وجه آخر للذهاب إلى التوسّط في التكليف ذكره في أجود التقريرات وفي نهاية الأفكار، وهو دعوى انطباق الاضطرار على الفرد الذي يختاره المكلّف، ولو اُريد أن يفسّر ذلك بتفسير معقول نسبيّاً، وهو دعوى الاستظهار العرفيّ من دليل (رفع ما اضطرّوا إليه)؛ لشموله لخصوص الفرد الذي اختاره رغم تعلّق الاضطرار عقلاً بالجامع بين الفردين؛ لأنّ المفروض هو الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه، فمن الواضح أنّ هذا الوجه أيضاً لا يأتي في المقام؛ لأنّ العجز هنا تكوينيّ، ودليل شرط القدرة عقليّ، وليس لفظيّاً يستظهر منه عرفاً هذا المعنى، وما ورد من الدليل اللفظيّ الدالّ على عدم تكليف العاجز من قبل ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا﴾ منصرف إلى نفس مفاد الدليل العقليّ.