المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

485

العلم الإجماليّ فيما نحن فيه الذي لا يمكن موافقته القطعيّة ولا مخالفته القطعيّة؟

وأمّا الثاني: فلأنّ الوجه في تقديم محتمل الأهمّيّة في باب التزاحم هو أنّنا هناك نعلم بواجبين، ونعلم بأنّ إطلاقأحدهما ـ وهو ما لا نحتمل أهمّيّته ـ قد قيّد بفرض عدم الإتيان بالآخر، ونشكّ في تقييد إطلاق الآخر أيضاً بفرض عدم الإتيان بالأوّل؛ إذ من المحتمل أن يكونا متساويين، فإطلاقه أيضاً مقيّد بذلك، ومن المحتمل أن يكون أهمّ من الأوّل ويطلبه المولى حتّى على تقدير الإتيان بالأوّل، فعندئذ لا يكون إطلاقه مقيّداً بذلك، ومع الشكّ في ذلك نتمسّك في طرف محتمل الأهمّيّة بأصالة الإطلاق، وأين هذا من باب دوران الأمر بين المحذورين والعلم بحكم واحد مردّد بين الإلزام بالفعل والإلزام بالترك؟

 

فرض عدم تكرّر الواقعة في صورة التعبّديّة:

المقام الثاني: في فرض عدم تكرار الواقعة مع كون أحدهما تعبّديّاً، ولنفرض أنّ الوجوب مثلاً تعبّديّ، وذلك كما في صلاة محتملة الحيض بناءً على الحرمة الذاتيّة للصلاة على الحائض، ولنفترض أوّلاً عدم مزيّة احتماليّة أو محتمليّة في أحد الجانبين. وهنا العامل الجديد الذي يدخل في المورد هو أنّ المخالفة القطعيّة تصبح ممكنة، وذلك بأن تصلّي لا بقصد القربة. وأمّا الموافقة القطعيّة فهي باقية على عدم المقدوريّة.

ولأجل هذا العامل الجديد وهو القدرة على المخالفة القطعيّة ذهب المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)إلى أنّ العلم الإجماليّ يؤثّر بمقدار حرمة المخالفة القطعيّة(1)؛ لأنّ المفروض هنا إمكان التنجيز بهذه المرتبة، فمع استحالة التنجيز بمرتبة الموافقة



(1) راجع الكفاية، ج 2، ص 207 بحسب طبعة المشكينيّ.