المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

47

 

 

 

 

أمّا المقام الأوّل: فيقع فيه البحث عن البراءة العقليّة.

نظريّة قبح العقاب بلا بيان:

والمعروف بين محقّقي العصر الثالث من عصور علم الاُصول عدم الخلاف في حكم العقل بالبراءة، وقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وهذه القاعدة بحسب الحقيقة تحتلّ مركزاً أساساً في التفكير الاُصوليّ في هذا العصر الثالث، بل يمكن أن نعتبر هذه القاعدة أحد الركنين الأساسين اللذين قام عليهما التفكير الاُصوليّ في هذا العصر في باب الأدلّة العقليّة، والركن الآخر مضايف هذه القاعدة وهي قاعدة حسن العقاب مع البيان التي مرجعها إلى حجّيّة القطع، فإنّ الفكر الاُصوليّ في هذا العصر افترض أوّلاً: أنّ مولويّة المولى شيء مفروغ عنه، وأنّ المولويّة سنخ حقيقة واحدة لا زيادة فيها ولا نقصان مفروغ عن ثبوتها لمولانا تبارك وتعالى. وبعد فرض ذلك يتكلّم في أنّ هذا المولى هل يكون القطع بتكاليفه وأحكامه حجّة أو لا، فأجابوا بالإيجاب، وفرضوا أنّ هذه الحجّيّة من اللوازم الذاتيّة ـ بالمعنى الذي يذكر في كتاب البرهان ـ للقطع بما هو كشف تامّ وإن اختلفوا في أنّه هل هي من لوازم الماهيّة كالزوجيّة بالنسبة للأربعة، أو من لوازم الوجود كالحرارة بالنسبة للنار؟