المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

336

الواقعيّة، فمن راجع كتاب ثواب الأعمال وكتاب عقاب الأعمال للصدوق(رحمه الله)رأى أنّه كثيراً مّا يبيّن الحكم الواقعيّ بالحرمة بلسان بيان ترتّب العقاب على الفعل، ولا يعتبر ذلك بياناً مستهجناً، وأيُّ فرق بين بيان الحرمة الواقعيّة للفعل بلسان أنّ هذا الفعل مورد للعقاب، وبيان الحرمة الظاهريّة لاقتحام الشبهة بلسان أنّ اقتحام الشبهة مورد للهلكة؟

نعم، تبقى هنا الشبهة الفنّيّة، وهي أنّ العقاب فرع وصول التكليف، فلو كان وصول التكليف بهذا البيان لزم الدور(1)، وهذه الشبهة كما تجري في باب إيصال الحكم الظاهريّ بوجوب الاحتياط بلسان ترتّب العقاب، كذلك تجري في موارد إيصال الحكم الواقعيّ بالحرمة أو الوجوب بلسان ترتّب العقاب.

والجواب عن هذه الشبهة هو: أنّه تارةً نحمل هذا الحديث على أنّه قضيّة خارجيّة، واُخرى نحمله على أنّه قضيّة حقيقيّة كما هو الظاهر، وعلى كلا التقديرين تكون الشبهة محلولة.

أمّا بناءً على فرضه قضيّة خارجيّة يكون المنظور فيها الأشخاص الحاضرون في ذلك الزمان، فلأنّ وجوب الاحتياط واقعاً يستلزم كون الكثرة الكاثرة من المعاصرين للإمام(عليه السلام) إذا تركوا الاحتياط واقعين في الهلكة والعقاب؛ إذ هم بين من وصله وجوب الاحتياط وبين من لم يصله ذلك من باب الشبهة قبل الفحص، والشبهة قبل الفحص منجّزة. أمّا من لم يصله ذلك حتّى بعد الفحص، فهو في ذاك العصر نادر، وهلاك هذه الكثرة الكاثرة في ترك الاحتياط نتيحة لوجوب الاحتياط واقعاً؛ إذ لو لم يكن واجباً واقعاً لم يكن هلاك وعقاب على التارك منهم



(1) بعد فرض حمل الكلام على معناه الحقيقيّ، لا على معنىً مجازيّ، وهو التحريم دون الإخبار الحقيقيّ عن العقاب.