المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

24


والأصل ـ عدم شمول إطلاقه للوازم الخبر، وإلاّ فلسنا بحاجة في إثبات حجّيّة مثبتاته إلى التمسّك بنكتة الفرق الجوهريّ بين الأمارة والأصل، ولكن بالنظر إلى هذه النكتة نقول: إنّ تمام الموضوع للحجّيّة في منطوق هذا الدليل هو قوّة الاحتمال ـ ولو بالمعنى الشامل للترجيح الكمّيّ ـ وهذا ثابت في اللوازم. إذن فدليل الحجّيّة بمدلولها المطابقيّ ـ أي: بظهوره ـ شمل اللوازم لا بالملازمة.

هذا إذا كان دليل الحجّيّة عبارة عن ظهور من الظهورات. أمّا إذا كان دليل الحجّيّة عبارة عن السيرة، فهي من أوّل الأمر تشمل المطابقيّة واللوازم معاً بلا حاجة إلى البحث عن الفارق الجوهريّ بين الأمارة والاُصول.

وثانياً: أنّنا في إثبات الحجّيّة يجب أن ننتهي أخيراً إلى دليل قطعيّ ولو بوسائط، ومتى ما انتهينا إلى دليل قطعيّ فهو إمّا أن يكون شاملاً ابتداءً للمطابقيّة واللوازم، كما لو كان ذاك الدليل هو السيرة، فلا يبقى إشكال عندئذ، وإمّا أن لا يكون شاملاً ابتداءً للّوازم، كما لو كان ذاك الدليل عبارة عن نصّ قطعيّ الصدور والدلالة، دلّ بمدلوله المطابقيّ على حجّيّة المطابقيّة فحسب، وعندئذ يكون إيماننا بالملازمة بين حجّيّة المطابقيّة وحجّيّة اللوازم سبباً للتعدّي إلى اللوازم؛ لأنّ دليل حجّيّة المطابقيّة كان قطعيّاً. والقطع بالملزوم يؤدّي إلى القطع باللازم بلا إشكال.

وعلى أيّة حال، فتفصيل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) بين مثبتات خبر الثقة وأمارة اُخرى تساوي أو تفوق خبر الثقة في الكشف بتعدّيه من المطابقيّة إلى المثبتات، وعدم تعدّيه من خبر الثقة إلى أمارة اُخرى شاهد آخر على حمل كلامه(رحمه الله) على المعنى الصحيح، وهو إلحاق المرجّح الكمّيّ على أساس أكثريّة الصدق بقوّة الاحتمال في استلزامه لحجّيّة المثبتات.