المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

17

يحفظ أغراضه تماماً، إمّا بجعل الاحتياط لو كانت أغراضه جميعاً إلزاميّة، أو بجعل الترخيص والبراءة لو كانت أغراضه جميعاً ترخيصيّة، وإنّما يقع له التزاحم بين أغراضه في الحفظ حينما يفترض أنّه في موارد الشُبهة للعبيد توجد أغراض إلزاميّة أحياناً، وأغراض ترخيصيّة أحياناً اُخرى، ولم يرَ المولى من المصلحة إيصال الحكم الواقعيّ إلى العبد، فهنا يقع التزاحم بين مصالحه الإلزاميّة والترخيصيّة؛ إذ لو جعل الاحتياط خسر المصالح الترخيصيّة، ولو جعل البراءة خسر المصالح الإلزاميّة، وهنا يحسب المولى حسابين: الأوّل حساب الأهمّيّة الكيفيّة. والثاني حساب أكثريّة أحد سنخي الأغراض من الآخر، ويقدّم ما هو الأرجح بعد الكسر والانكسار. وقد تختلف النتيجة باختلاف دوائر الشبهات، فيرى أنّ الأغراض الترخيصيّة في غير دائرة خبر الثقة أهمّ من الأغراض اللزوميّة، فيجعل الأصل الأوّلي هو البراءة، لكن لو عمّم هذا الأصل لدائرةِ أخبار الثقات الدالّة على الإلزام خسر مصالحهُ الإلزاميّة في تلك الدائرة، وهو يعلم أنّها أهمُّ كمّيّة من مصالحه الترخيصيّة فيها التي سيخسرها بسبب كذب الثقات مثلاً، فيجعل خبر الثقة حجّة تحفّظاً على هذه النكتة، وعلى هذا لا موجب لحجّيّة مثبتات خبر الثقة بمقتضى القاعدة، أي: أنّه لو لم نستفد من دليل جعل الحجّيّة التوسعة في الجعل التعبّديّ بأن تكون اللوازم أيضاً بذاتها مشمولة لدليل الجعل، فمجّرد حجّيّة الدلالة المنطوقيّة لا تستلزم حجّيّة اللوازم؛ إذ من المحتمل أن يكون الأهمّ في نظر المولى في دائرة المنطوق بعد ملاحظة الكمّ والكيف معاً هي الأغراض اللزوميّة، ولا يكون الأهمّ في نظره في دائرة اللوازم لوازم الغرض اللزوميّ، بل يكون العكس مثلاً.

وأمّا لو فرضنا أنّ المولى لا يعلم الغيب، فلا يدري أين تقع الشبهة في الحكم لدى عبده، فيتصوّر بشأنه التزاحم في حفظ الغرض حتّى لو لم تتّفق في الواقع لعبده عدا شبهة واحدة، أو اتّفقت له شبهات متماثلة في حكمها الواقعيّ لزوماً أو