المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

15

 

روح الحكم الظاهريّ

المقدّمة الثانية: قد عرفت فيما مضى من مبحث الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ: أنّ روح الحكم الظاهريّ في الأمارات والاُصول عبارة عن إبراز المولى لدرجة اهتمامه وعدم اهتمامه بأغراضه الواقعيّة الإلزاميّة والترخيصيّة عند التزاحم في مقام الحفظ والمحرّكيّة، حيث إنّ الترخيص كثيراً مّا ينشأ من مصلحة في الترخيص لا مجرّد عدم ملاك للإلزام، فإن قدّم جانب الأغراض الإلزاميّة أوجب الاحتياط، وإن قدّم جانب الأغراض الترخيصيّة رخّص في المخالفة. هذا هو روح المطلب، وللمولى أن يتفنّن في التعبير، كأن يعبّر تارةً بجعل الحجّيّة، واُخرى بجعل العلم، وثالثة بقوله: (أخوك دينك، فاحتط لدينك)، ورابعة بقوله: (صدّق العادل) وما إلى ذلك ممّا تساعد عليه اللغة والفهم العرفيّ. وفي هذه الروح لا فرق بين الأمارات والاُصول أصلاً، ويظهر الفرق بينهما ممّا يأتي.

 

الفرق بين الأمارات والاُصول

المقدّمة الثالثة: في بيان الفارق الواقعيّ بين الأمارات والاُصول.

قد مضى أنّ جعل الأمارات وجعل الاُصول كلاهما نتيجة للتزاحم بين الأغراض اللزوميّة والترخيصيّة في مقام حفظ المولى لأغراضه وتحريكه للعبد نحوها، وعندئذ نقول: إنّ تقديم أحد الغرضين على الآخر في هذا المقام تارةً ينشأ من قِبل المحتمل، واُخرى ينشأ من قِبل الاحتمال، فتارةً يقدّم المولى الغرض الترخيصيّ على اللزوميّ، أو بالعكس من باب أهمّيّة إحدى المصلحتين من الاُخرى في دائرة من الشبهات كمّاً أو كيفاً، واُخرى يقدّم أحدهما على الآخر من باب قوّة الاحتمال ورجحانه، فلمّا كان خبر الثقة مثلاً احتمال صدقه أقوى من