المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

13

الأمارات الظنّيّة تدريجاً، جعل أصل البراءة دليلاً ظنّيّاً وأمارة ظنّيّة، وميّزوا بينها وبين الاستصحاب، وجعلوا الاستصحاب أيضاً حجّة بملاك الظنّ. حتّى أنّه في كتاب المعالم توجد تصريحات تدلّ على أنّ بناءهم على حجّيّة أصالة البراءة كان من باب الظنّ، بل مثل هذه الفكرة امتدت إلى بعض المتأخّرين كصاحب القوانين(قدس سره) ـ على ما ينقل عنه الشيخ الأعظم(رحمه الله) ـ مستغرباً منه هذا الكلام.

وقد بدأ علم الاُصول يحدّد مفهوم الأصل العمليّ والوظيفة العمليّة على يد المتأخّرين عن صاحب المعالم والشيخ البهائيّ(قدس سرهما). ولعلّ من أوائل من تنبّه إلى ذلك ـ كما أشار إليه الشيخ الأعظم(رحمه الله) ـ المحقّق جمال الدين(رحمه الله).

ثمّ تحدّد هذا المفهوم الموجود عندنا اليوم بشكل دقيق مضبوط على يد الاُستاذ الوحيد البهبهانيّ(قدس سره)ومدرسته خصوصاً الشيخ محمّد تقيّ صاحب الحاشية(رحمه الله)، وبعده تحدّد على يد الشيخ الأعظم وبلغ تحقيقه بيده الشريفة إلى الغاية التي بلغها اليوم في الدقّة، فأصبح مفهوم الأصل العمليّ عبارة عن وظيفة عمليّة لا يطلب فيها الفقيه العلم أو الظنّ بالحكم الشرعيّ الواقعيّ، بل يطلب فيها ما هي الوظيفة العمليّة التي يخرج بها عن عهدة التكليف عند عدم معرفته.

والشيخ الأعظم(رحمه الله) ينقل عن الوحيد البهبهانيّ في أوّل أصل البراءة: أنّه أطلق اسم الأدلّة الفقاهتيّة على الاُصول العمليّة، واسم الأدلّة الاجتهاديّة على الأمارات، ويقول(قدس سره): إنّ النكتة في ذلك هي تعريف الفقه والاجتهاد، حيث عرّف الاجتهاد باستفراغ الوسع لتحصيل الظنّ بالحكم الشرعيّ، وعرّف الفقه بأنّه العلم بالحكم الشرعيّ. والاُستاذ الأكبر(رحمه الله) حمل الحكم الشرعيّ في تعريف الاجتهاد على الحكم الواقعيّ، والظنّ به عبارة عن الأدلّة والأمارات الظنّيّة التي تؤدّي إليه، من قبيل الظواهر وخبر الواحد ونحو ذلك، ولهذا أسماها بالأدلّة الاجتهاديّة، وحمل