المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

12

ومن هنا ذكر السيّد علم الهدى وابن إدريس(قدس سرهما) في مقام بيان المصادر والأدلّة التي يعتمدون عليها في مقام الاستنباط: إنّنا نعتمد على أدلّة كلّها علميّة، ولا يجوز إعمال دليل لا يفيد العلم كخبر الواحد والقياس ونحو ذلك من الأدلّة الظنّيّة، والأدلّة القطعيّة عندهما هي الكتاب والسنّة والإجماع والعقل، ثمّ يُطبّقان الدليل العقليّ في الفقه على أصل البراءة.

فجوهر الأصل العمليّ كان موجوداً عندهم، فكانوا يرجعون لدى عدم الأمارة المشروعة إليه لا إلى أمارة غير مشروعة أو المناسبة والتخمين، لكن كانوا يُسمّون ذلك بالدليل العقليّ وكانوا يجعلونه في عرض الكتاب والسنّة، ومقصودهم بالبراءة التي جعلوها من الدليل العقليّ البراءة العقليّة ـ طبعاً ـ لا الشرعيّة.

ثمّ حينما توسّع البحث في الدليل العقليّ ذكروا تحته عنواناً مستقلاًّ وهو الاستصحاب، وجعلوا البراءة ترجع بنحو من الأنحاء إلى الاستصحاب؛ لأنّ البراءة عبارة عن استصحاب براءة الذمّة الثابتة بحكم العقل، وسمّوها باستصحاب حال العقل.

وأيضاً وجد في كلماتهم تقريب البراءة بحكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق، لكون التكليف بغير المعلوم تكليفاً بما لا يطاق كما هو الحال في كلمات المحقّق(قدس سره).

وأُضيف بعد ذلك (كما في المعتبر والدروس) إلى تقريبات البراءة: التقريب بأنّ عدم الدليل دليل على العدم؛ لأنّ المبلّغين بلّغوا الأحكام الشرعيّة، ففي المورد الذي لا نجد دليلاً على الحكم الشرعيّ يستكشف من عدم الدليل عدمه، وكلّ هذا كان بروح المعاملة مع أصالة البراءة معاملة دليل عقليّ قطعيّ.

ثمّ لمّا شاع العمل بالأمارات الظنّيّة وبخبر الواحد، وتوسّع البحث في نطاق