المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثالث

11

 

 

 

 

 

 

 

الاُصول العمليّة في الفقه الشيعيّ

المقدّمة الاُولى: أنّ الرجوع إلى الاُصول العمليّة في الفقه من المميّزات الجوهريّة بين الفقه الشيعيّ والفقه السنّىّ، وتوضيح المقصود: أنّ المدار في الفقه السنّيّ دائماً هو التوصّل إلى الحكم الواقعيّ، وبهذا الصدد يتمسّكون أوّلاً بالأدلّة المشروعة من الكتاب والسنّة، فإن لم يوجد ذلك تمسّكوا بمطلق الأمارات من الظنّ والقياس ونحو ذلك، وإن لم يوجد ذلك تمسّكوا بأيّ مناسبة واعتبار. وأمّا الفقه الشيعيّ فقد قام على مرحلتين من الاستنباط، ففي المرحلة الاُولى يفتّش الفقيه عن الدليل على الحكم الشرعيّ، فإن وجد دليلاً مشروعاً على الحكم أخذ به، وإلاّ لم يفكّر في التعويض عن الدليل المشروع بنطاق أوسع من الأدلّة من الأمارات، أو التخمينات والترجيحات، بل انتقل إلى المرحلة الثانية وهي الأخذ بما هو مقتضى الوظيفة العمليّة في مقام الخروج عن عهدة التكليف المحتمل، وهذا ما يتعيّن بمباحث الاُصول العمليّة.

إلاّ أنّ هذا المميّز الأساس للفقه الشيعيّ لم يطرح من أوّل الأمر بصيغة محدّدة دقيقة كما يعرف اليوم، بل الأصل العمليّ الذي كان يُبنى عليه الاستنباط في الفقه الإماميّ كان مندرجاً من أوّل الأمر تحت عنوان دليل العقل الذي يورث القطع،