المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

99

خلاف ذلك، فكان عمل بعضهم لأجل الغفلة، وبعضهم لأجل النسيان، وبعضهمجرياً على ذوق العقلاء، والبعض الآخر تقصيراً وهكذا. ثُمّ جاء أبناء هؤلاء ورأوا سيرة آبائهم على ذلك فتخيّلوا صحّة هذا الأمر، فعملوا على طبقه واستمرّت السيرة على ذلك. وذلك كما في مسألة معاملة الصبيان بناءً على بطلانها، فإنّه في ذوق العقلاء لايفرّق في المعاملة بين البالغ والصبي والعاقل. واتّفقت سيرة المسلمين على معاملته لا بما هم متشرّعة، كيف ومشهور العلماء يرون البطلان؟ بل لاُمور متفرّقة من الجري على طبق الذوق، والجهل بالمسألة، والغفلة، والنسيان، وعدم المبالاة بالدين، والقصور، والتقصير، ثُمّ جاء أولادهم ورأوا أنّ السيرة قائمة على معاملة الصبيان فجروا عليها.

ولا ينكر ما ذكرناه باعتبار كون فتوى المشهور البطلان، فإنّ الكلام في السيرة العمليّة للمتشرّعة لا في إجماع العلماء.

الطريق الثاني: هو التأريخ الناقل لسيرة المعاصرين للشارع الأقدس، كما هو الحال في مسألة جواز المعاملة بالنقد الأجنبي؛ إذ ثبتت سيرة المتشرّعة في زمان الإمام(عليه السلام) على ذلك بالوجه التأريخي للأخبار الواردة في باب الزكاة، حيث يسأل فيها عن ثبوت الزكاة في النقد الأجنبي وعدمه، وثبوتها في الدرهم المغشوش وعدمه(1)، فإنّ هذا يدلّ على أنّهم كانوا يتعاملون بالنقد الأجنبي. ونحوه أيضاً التأريخ الدالّ على ثبوت السيرة على استخراج الفرد لبعض أقسام المعادن كالعقيق والملح، وتملّكه إيّاه.

ولنا في هذا الطريق كلامان:

الأوّل: إنّ هذا التأريخ يجب أن يكون بأحد نحوين كي يفيدنا في إثبات السيرة:


(1) الظاهر أنّ هذا إشارة إلى ما ورد: من حديث زيد الصائغ في الوسائل، ج 6، ب 7 من زكاة الذهب والفضّة.