المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

98

وبعضهم بالإخفات، فما ترى في ذلك)(1).

وثالثاً: إنّه قد لا تكون ما نراها من سيرة المتشرّعة سيرة لهم في الأصل بما هم متشرّعة(2)، بل اتّفقوا عليها لاُمور اُخرى غير الشرع بعد أن كان الشرع على


(1) لم أرَ حديثاً بهذا الشكل، ولعلّه(رحمه الله) يشير إلى ما عن محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام) «قال: قال لنا: صلّوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة، واجهروا بالقراءة. فقلت: إنّه ينكر علينا الجهر بها في السفر. فقال: اجهروا بها». الوسائل، ج 4،ب 73 من القراءة في الصلاة، ح 6، ص 820.

(2) كأنّ هذا الوجه ليس إشكالاً على أصل اكتشاف ثبوت السيرة في زمن المعصوم، وإنّما هو إشكال على اكتشاف كونها سيرة لهم بما هم متشرّعة، كي تكشف عن حكم الشرع من باب اكتشاف العلّة عن طريق المعلول الذي هو ميزة سيرة المتشرّعة ـ على ما سيأتي إن شاء الله في بحث المرحلة الثانية ـ فتكون قوّة هذه السيرة كقوّة السيرة العقلائيّة لا المتشرّعة.

ولكن لا يخفى أنّ سيرة المتشرّعة لو ثبتت ولو لم تكن بما هم متشرّعة فهي تمتاز عن سيرة العقلاء بما هم عقلاء بأنّنا لسنا في مقام إثبات إمضائها شرعاً بحاجة إلى مقدّمة أنّه لو ردع عنها لوصل الردع إلينا، بل نفس ثبوتها واستمرارها في زمن الشرع دليل على عدم الردع؛ إذ لو ردعت لانهدمت.

ثمّ إنّ ما ذكره(رحمه الله) كنكتة لاكتشاف السيرة المعاصرة لزمن المعصوم عن طريق السيرة المعاصرة لزمننا بالنسبة لسيرة المتشرّعة يمكن ذكره أيضاً بالنسبة للسيرة العقلائيّة، فيقال أيضاً: إنّ تحوّل السيرة العقلائيّة من النقيض إلى النقيض غريب، وعدم نقل ذلك لنا أيضاً غريب. ويأتي هنا الجوابان الأوّلان من الأجوبة التي ذكرها (رضوان الله عليه) فيقال: أوّلاً: إنّ التحوّل إنّما يكون غريباً لو كان تدريجيّاً ولم يكن دفعيّاً. وثانياً: لئن كان التحوّل في السيرة من النقيض إلى النقيض غريباً فليس من الغريب افتراض أنّ سيرة مّا لم تكن منعقدة بين عقلاء صدر التأريخ ثُمّ تكوّنت بالتدريج.