المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

95

نحتاج في إثبات السيرة المعاصرة إلى طريق، ولذلك عدّة طرق:

الطريق الأوّل: ما يبدو في أوّل وهلة للنظر، وهو إثبات السيرة المعاصرة للشارع عن طريق السيرة المعاصرة لنا بروحيّة الاستصحاب القهقرائيّ، سواء كانت سيرة عقلائيّة، أو سيرة المتشرّعة. وتقريب ذلك في السيرة العقلائيّة هو الحدس بأنّ هذه السيرة إنّما نشأت من القريحة العامّة المشتركة في العقلاء الماضين منهم، والمتسلسلة إلى الموجودين، فيثبت بذلك وجود السيرة في ذلك الزمان. وفي سيرة المتشرّعة(1) أنّ من البعيد جدّاً افتراض أنّ السيرة الموجودة في زماننا حصلت دفعة بنحو الانقلاب من دون تلقّيها من زمن الشارع الأقدس، وهذا الاستبعاد واصل إلى حدّ الاطمئنان بالعدم، فالظاهر أنّها سيرة موروثة يداً بيد متّصلة إلى زمان الشارع، وإلّا لكان انقلاب السيرة السابقة إلى السيرة الموجودة يعدّ من الأعاجيب، وهذا ما يطمئنّ بخلافه. إمّا بنفسه، أو باعتبار أنّه لو كان لكان ينقل للناس على حدّ نقل الاُمور الغريبة، وكان يصلنا نقل ذلك. فمثلاً لو


لازماً ولا متزلزلاً، بينما بناءً على أخذ المرتكزات العقلائيّة بعين الاعتبار قد يقال: إنّ المفهوم من ذلك هو نفي البيع اللازم وثبوت خيار التأخير.

وهذا القسم من السيرة لابدّ من ثبوتها في زمن صدور النصّ، كي تؤثّر على الظهور وقتئذ، فإنّ الحجّيّة إنّما هي لظهور النصّ في وقت صدوره.

إلّا أنّنا إذا أحرزنا ثبوت هذا الارتكاز في عصرنا واحتملنا ثبوته في عصر صدور الدليل كفى ذلك للتأثير على ذاك الدليل، لا باعتبار أنّه يشكّل احتمال وجود القرينة المتّصلة ولا نافي لهذا الاحتمال. أقول: لا بهذا الاعتبار فحسب بل باعتبار أنّ المسألة تدخل تحت كبرى أصالة عدم النقل التي هي حجّة في باب دلالات الألفاظ.

(1) وهذا التقريب يأتي في السيرة العقلائيّة أيضاً مع جوابه، وسنشرح ذلك.