المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

94


وهناك سيرتان اُخريتان خارجتان عن محلّ البحث، وقد ذكرهما اُستاذنا(رحمه الله)في دورته الأخيرة التي لم أحضرها على نقل الأخ السيّد علي أكبر حفظه الله:

الاُولى: سيرة تنقّح موضوع الحكم الشرعيّ. إمّا ثبوتاً كالسيرة على الإنفاق على الزوجة بمستوى معيّن بحيث لو أنفق عليها بمستوى أقلّ من ذلك عدّ إمساكاً ومعاشرة بغير معروف، فهذه السيرة تنقّح موضوع الإمساك والمعاشرة بالمعروف للزوجة الواجب شرعاً. وإمّا إثباتاً كالسيرة القائمة على خيار الغبن ـ مثلاً ـ التي تشكّل ظهوراً عرفيّاً لكلام المتعاقدين في عدم قبول البيع الغبنيّ إلّا مع الخيار، وهذا ينقّح موضوع الشرط في دليل (إنّ المؤمنين عند شروطهم). وفرق السيرة التي تنقّح الموضوع ثبوتاً عن التي تنقّحه إثباتاً هو: أنّ من شذّ عن السيرة العقلائيّة الموجدة للموضوع فشذوذه لا يؤثّر في فاعليّة السيرة التي تحقّق الموضوع ثبوتاً بشأنه، فمن لم ير للزوجة احتراماً وتقديراً تستحقّ معه ذاك المستوى من الإنفاق يجب عليه أن يلتزم بذاك المستوى من الإنفاق، أمّا من شذّ عن السيرة العقلائيّة الكاشفة عن الموضوع كما في المثال الثاني فالسيرة لا تكشف عن الموضوع بالنسبة إليه.

وهذا القسم من السيرة حجّيّتها ثابتة على القاعدة، وتكفي فيها السيرة المعاصرة لزماننا. بل لو ثبتت سيرة معاصرة لزمان المعصوم ثُمّ انتفت في زماننا انتهى مفعولها بانتهائها.

الثانية: السيرة التي تنقّح فهمنا للدليل، فإنّ البناءات والارتكازات تشكّل قرائن لبّيّة متّصلة دخيلة في تكوين الظهور للدليل، فلو تمّ الدليل على حجّيّة الظهور فلابدّ من أخذ هذه السيرة بعين الاعتبار. فمثلاً لو دلّ الدليل على أنّه (لو جاء بالثمن خلال ثلاثة أيّام، وإلّا فلا بيع بينهما) فإن جمدنا على حاقّ اللفظ فهمنا من ذلك بطلان البيع، وأنّه لا بيع