المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

86

 

السيرة

بقي علينا أمر آخر نذكره أيضاً قبل البحث عن حجّيّة الأمارات، وهو البحث عن السيرة. فالأصحاب وإن وجد في كلماتهم الاستدلال بالسيرة في بعض الموارد لكنّهم لم ينقّحوا بحث السيرة على حدّ تنقيحهم لسائر الأبحاث كحجّيّة خبر الواحد، والجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ، وغير ذلك، بينما موارد الاحتياج إلى الاستدلال بالسيرة كثيرة في الفروع الفقهيّة، مضافاً إلى أنّها من مدارك بعض الأمارات الآتية. وهذا هو السرّ في ذكرنا لهذا البحث قبل مباحث حجّيّة الأمارات. وحجّيّة السيرة لو ثبتت ليست على حدّ حجّيّة سائر الأمارات التي جعلت حجّة تعبّداً من قبل الشارع، وإنّما تكون حجّيّة السيرة كما سيظهر ـ إن شاء الله ـ على أساس إفادتها للقطع.

 

بروز الحاجة إلى بحث السيرة

وقد اشتدّت الحاجة إلى بحث السيرة بعد أن بطلت عدّة مدارك للفقه كانت تعتبر في الاُصول القديمة من الاُمور المعتمد عليها. توضيح المقصود:

إنّ هناك حالة نفسانيّة ثابتة في نفس الفقيه تمنعه عن مخالفة ما كان في كلمات الأصحاب من المسلّمات ويعدّ خلافه غريباً، ولذا ترى أنّه كثيراً مّا يذكر في الفقه بالنسبة لأمر مّا ككون نتيجة المعاطاة الإباحة مثلاً، أو الأخذ بقاعدة لا ضرر في مورد مّا، أنّه يلزم منه تأسيس فقه جديد، ويجعل هذا دليلاً على بطلان ذاك الأمر. والذي يظهر من القرائن المحفوفة بكلماتهم ومن سوابق هذا الكلام ولواحقه في الموارد المختلفة أنّه ليس المقصود بذلك إبطال ذاك الأمر بعموم أو إطلاق أو إجماع، وإلّا لقالوا: إنّ هذا ينافي العموم الوارد في نصّ كذا أو الإطلاق أو