المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

80

وبجريان الاستصحاب يرتفع هذا الموضوع ويرتفع حكمه لا محالة، ويأتي مكانه حكم ثان للعقل بقبح العقاب مترتّب على موضوع آخر متحقّق ببركة الاستصحاب، وهو بيان العدم.

وذكر المحقّق العراقي(رحمه الله): أنّ موضوع حكم العقل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان عبارة عن عدم البيان من كلا الطرفين، فكما يرتفع هذا الموضوع ببيان الحكم كذلك يرتفع ببيان العدم.

ويتحصّل أيضاً من كلماتهم نقوض على هذا الوجه:

الأوّل: النقض باستصحاب عدم التكليف الحاكم على قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

والثاني: النقض بسائر موارد حكومة أصل على أصل مع موافقتهما في النتيجة، كما في استصحاب الطهارة وأصالته، واستصحاب الحلّ وأصالته، والأصل السببيّ والمسبّبيّ المتوافقين في النتيجة.

والثالث: النقض بحجّيّة أمارة قامت على عدم حجّيّة شيء مّا.

والتحقيق: أنّ شيئاً من هذه الأجوبة الحلّيّة والنقضيّة غير صحيح؛ وذلك لأنّ موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا يرتفع باستصحاب عدم الحجّيّة وإن بنى على كون موضوعها عدم البيان من كلا الطرفين، فإنّ المقصود من عدم البيان هو عدم بيان التكليف، واستصحاب عدم الحجّيّة لا يبيّن عدم التكليف، وإنّما يثبت عدم كون هذا الذي شككنا في حجّيّته طريقاً إليه، فلا موضوع لما مضى: من الجواب الحلّي.

وقد ظهر بذلك الجواب على النقض الأوّل، فإنّ دعوى أنّ للعقل حكمين على موضوعين متغايرين إن تمّت فإنّما تثبت حكومة استصحاب عدم التكليف على قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فيقال ـ بحسب تعبيرات المشهور ـ: إنّ موضوع