المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

75

أقول: إنّ تحقيق هذا الكلام إثباتاً ونفياً سيظهر من تحقيقنا للتقريب الثاني من تقريبي الإشكال في استصحاب عدم الحجّيّة(1).

وأيضاً دفع المحقّق النائينيّ(قدس سره) الإشكال الثاني بأنّه بعد أن ظهر أنّ استصحاب عدم الحجّيّة يكون لأجل إثبات حرمة الإسناد لا لإثبات نفس عدم الحجّيّة وإن كان بنفسه حكماً من الأحكام، قلنا: إنّه لو سلّم ترتّب هذا الأثر على الشكّ في الحجّيّة وعلى واقع عدم الحجّيّة كان استصحاب عدم الحجّيّة تحصيلاً للحاصل، بل من أردأ أنحاء تحصيل الحاصل؛ لأنّه تحصيل لما هو حاصل وجداناً بالتعبّد، فإنّ إجراء الاستصحاب في المقام يكون لإثبات حرمة الإسناد تعبّداً مع أنّها ثابتة في الرتبة السابقة على الاستصحاب وجداناً؛ وذلك لأنّ الاستصحاب متأخّر رتبة عن الشكّ لكونه مأخوذاً في موضوعه، فلابدّ من ثبوت الشكّ حتّى يجري الاستصحاب، وبمجرّد ثبوت الشكّ تثبت حرمة الإسناد وجداناً بثبوت موضوعه وجداناً؛ إذ المفروض أنّ المولى حكم حكماً واقعيّاً على فرض الشكّ بحرمة الإسناد.


(1) الواقع أنّه إنّما اشترط في الأصل العمليّ أن يترتّب على مفاده أثر شرعيّ عمليّ، أو أن يكون مفاده بنفسه أثراً شرعيّاً عمليّاً استطراقاً لترتّب التنجيز والتعذير العقليّين عليه، والحجّيّة المفروض استصحاب عدمها في المقام لو نظرنا إليها من زاوية حرمة الإسناد فقط جاء القول بأنّ الحجّيّة ليست حكماً عمليّاً فهي بحاجة إلى أثر شرعيّ عمليّ كي يصحّ استصحاب عدمها. أمّا إذا نظرنا إليها من زاوية أنّ الحجّيّة الشرعيّة تولّد التنجيز والتعذير العقليّين؛ لأنّ استصحاب عدم الحجّيّة يرفع موضوع قبح العقاب بلا بيان مثلاً، ويبدّله إلى بيان العدم، وبيان العدم بنفسه يحقّق التعذير، فهذا ما سيأتي تحقيقه في البحث عن التقريب الثاني من تقريبي الإشكال إن شاء الله.