المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

744

والتصريح أو التلويح لبعضهم بذلك لكن هذا الإجماع ليس وجهاً قائماً برأسه، فإنّ من المحتمل استناده في المقام إلى قاعدة نفي العسر والحرج ونحو ذلك من القواعد النافية للعناوين الثانوية التي تنطبق على الاحتياط التامّ في أطراف هذا العلم الإجماليّ، كما أنّ من المحتمل أن يكون هذا الإجماع بنكتة الإجماع بتقريبه الآخر الذي سيأتي في الوجه الثالث وهو الإجماع على جعل طريق تفصيليّ في الشريعة للامتثال. والخلاصة أنّ هذا الإجماع نحتمل أن يكون مدركه أحد الوجهين الآخرين فلا يكون وجهاً مستقلاًّ.

الوجه الثالث: دعوى الإجماع على أنّ الشريعة لم تبن على الاحتياط، لا بمعنى نفي جواز الاحتياط ولا بمعنى نفي وجوب الاحتياط فقط، بل بمعنى أنّ الاحتياط ليس هو الطريق المنحصر للامتثال فيها، بل جعلت الشريعة لنا طريقاً آخر غير الاحتياط.

ودعوى الاطمئنان بثبوت هذا الإجماع كدعوى الاطمئنان بالإجماع السابق غير مجازفة وإن لم يمكن إثباتهما بالبرهان؛ لأنّ هذه المسألة لم يتعرّض لها صريحاً في كلمات أكثر العلماء قدّس الله أسرارهم، فكيف يمكن إثبات ذلك بالصريح من كلماتهم أو الاستظهار منها ؟!

بل دعوى الاطمئنان بصحّة مصبّ هذا الإجماع في نفسه بقطع النظر عن نفس الإجماع غير مجازفة.

بل في بعض الموارد لا معنى للاحتياط ولابدّ من تعيين الوظيفة، وذلك في موارد الأحكام المرتبطة بإدارة العباد والبلاد وتنظيم شؤونهم، كمقام القضاء، وإقامة الحدود، وإقامة العدل فيما بين الناس ونحو ذلك، فإنّه في مثل ذلك لابدّ من جعل قانون متعيّن والمشي على طبقه، والاحتياط إنّما يعقل في الامتثال في موارد الأعمال الشخصيّة، كالطهارة والصلاة لا في الاُمور الراجعة إلى تنظيم البلاد والعباد.