المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

743

لاستحقاق العقاب(1).

وأمّا على المبنى الثالث ـ وهو نفي الضرر التكوينيّ الناشئ من قبل الشريعة ـ: فتطبيق القاعدة على ما نحن فيه واضح، فإنّ الاحتياط ضرر تكوينيّ ناشئ من الشريعة، ويكون نفيه بنفي أحد مبادئه، أي: إمّا بنفي الواقع، أو بنفي وجوب الاحتياط، ومقتضى الجمع بين دليل نفي الحرج ودليل الحكم الواقعيّ هو أن يكون الحكم الواقعيّ محفوظاً، ويكون المنفيّ هو وجوب الاحتياط.

فظهر من جميع ما ذكرناه: أنّ التمسّك بالقاعدة في المقام لنفي وجوب الاحتياط تامّ على جميع المباني الثلاثة. هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل من الوجوه التي استدلّ بها على عدم وجوب الاحتياط.

الوجه الثاني: دعوى الإجماع على عدم وجوب الاحتياط التامّ في تمام الأطراف، وهذا الإجماع وإن كان لا ينبغي الشكّ فيه فإنّه يحصل القطع به بمراجعة كلماتهم وكشف ذوقهم العامّ في الفقه وكيفيّة استنباطهم في مسائل مختلفة


(1) لا يخفى أنّه لو فرض العسر والحرج مزاحماً لملاك المتعلّق ورافعاً له لم يبق مجال للامتثال بعد صيرورة الفعل حرجيّاً بسوء اختياره، واختصّ الوجوب بالحصّة غير الحرجيّة، وبإفنائها تمّ العصيان، ولو فرض أنّ العسر والحرج إنّما يرفع الحكم بنكتة أنّ المولى يحبّ أن لا يكون العبد ملزماً بما فيه الحرج ومحرجاً عقلاً بسبب وجوبه من دون أن يكون انتخاب العبد بمحض اختياره للفرد الحرجيّ منافياً لأغراض المولى كان مجال الامتثال باقياً، ولابدّ من الامتثال؛ لما أفاده اُستاذنا(رحمه الله): من أنّ التكليف صار فعليّاً عليه آناً مّا، ولكن فرض شمول نفي العسر والحرج لهذا المورد لا معنى له؛ لأنّ نفي العسر والحرج إنّما هو بملاك رفع الملزميّة عن العبد والإحراج العقليّ، والمفروض أنّ هذا الإلزام أو الإحراج واقع لا محالة بسوء اختياره، فما معنى نفي العسر والحرج عنه ؟!

والقدر المتيقّن من ظاهر دليل نفي العسر والحرج عرفاً إنّما هو الثاني.