المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

741

وأمّا بناءً على كون القاعدة نافية للموضوع الضرريّ فصاحب هذا المبنى أيضاً لا يقول بجريان القاعدة في المقام، إمّا لتخيّل عدم صدق ضرريّة الموضوع عند إعدامه بنفسه للحصّة الاُخرى، أو للانصراف مثلاً(1). وعلى أيّة حال، ففي هذا الفرض لا يشكّ فقهيّاً في عدم جريان القاعدة. وأمّا إذا كان تركه للآخر من ناحية الحقّ المولويّ والحكم الشرعيّ الذي صار موجباً لذلك، كما لو علم إجمالاً بنجاسة أحدهما فترك أحدهما احتياطاً، فهنا يكون ترك أحدهما في ظرف ترك الآخر حرجيّاً عليه، ويستند الضرر إلى نفس الحكم الشرعيّ، حيث إنّ امتثاله في ضمن هذه الحصّة للحكم الشرعيّ بالجامع حرجيّ، ورفع يده عن الحصّة الاُخرى كان ناشئاً من قبل الشارع، كما لا مجال للانصراف هنا أيضاً. فعلى تقدير كون الحرمة ثابتة في هذا الجانب تكون مرفوعة بنفي الحرج في فرض ترك الآخر.

وهذا هو الذي ينبغي أن يقال في مقام الإشكال على صاحب الكفاية، لا ما أفاده السيّد الاُستاذ في هذا المقام: من أنّه لمّا كانت الوقائع تدريجيّة فهو يعمل بكلّ تكليف محتمل إلى أن يصير إتيان الباقي حرجيّاً عليه، فتجري القاعدة بالنسبة لباقي التكاليف المحتملة.

إذ يرد على هذا الكلام ـ بقطع النظر عن أنّه قد تكون الوقائع التي ينشأ من مجموعها الحرج عرضيّة، كما في ترك اُمور كثيرة في عرض واحد يحتمل في كلّ واحد منها الحرمة ويكون ترك الجميع عليه حرجيّاً ـ: أنّه ليست العبرة


(1) الوجه الصحيح لعدم جريان القاعدة في المقام ما قلناه في التعليق السابق: من أنّ دليل نفي الحرج لا يؤمّنه من العقاب؛ لفعليّة الحكم عليه ولو آناً مّا من دون حرج وإن أصبح حرجيّاً عليه بعد ذلك بسوء اختياره، وانصراف دليل نفي العسر والحرج عن المقام يكون بملاك هذه النكتة.