المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

740

عرفاً على نفي منشأه وهو الاهتمام بالغرض لدى التزاحم بمصلحة الترخيص، ومع ثبوت نفي الاهتمام لا يبقى مجال لحكم العقل بوجوب الاحتياط.

وثالثاً: أنّ كلّ واحد من التكاليف المحتملة وإن لم يكن الإتيان به بنفسه حرجيّاً لكن الإتيان به في ظرف الإتيان بالآخر حرجيّ. فمثلاً إذا اضطرّ إلى شرب أحد الماءين وهو يعلم بنجاسة أحدهما بالخصوص، وإن لم يكن في نفسه حرجيّاً عليه، ولكن تركه في حال ترك الآخر حرجيّ عليه، وعندئذ إن كان تركه للآخر بمجرّد اشتهاء نفسه من دون وجود حكم عقليّ ناشئ من ناحية الحقّ المولويّ والحكم الشرعيّ لم يفت أحد من الفقهاء بجواز شربه لهذا الماء بمجرّد الحرج، مثاله: ما لو علم بنجاسة أحدهما بالخصوص لا بنحو الإجمال فترك الآخر الذي هو طاهر اشتهاءً، فهنا لا يفتى في الفقه بجواز شربه للماء النجس ولو فرض إراقته للماء الآخر مثلاً. ووجه ذلك واضح بناءً على كون القاعدة نافية للحكم الضرريّ، أو الحرجيّ، أو الضرر والحرج الناشئين من الحكم، فإنّ الضرر عندئذ لا يسند عرفاً إلى حكم الشارع؛ لأنّ الشارع إنّما أوجب عليه الجامع بين حصّتي ترك هذا الماء، أي: الترك المقرون بترك الآخر، والترك المقرون بشرب الآخر، وهو أعدم إحدى الحصّتين باشتهاء نفسه وحصر قدرته في الحصّة الاُخرى الحرجيّة، فصار امتثال الجامع حرجيّاً عليه(1).


(1) لا ينبغي الإشكال في أنّه بعد إراقة الماء الطاهر تكون حرمة شرب النجس عليه حرجيّة ويسند الحرج إلى الحكم عرفاً، ولكن مع هذا لا تجري في ذلك قاعدة نفي العسر والحرج؛ لأنّ جريانها لا يؤمّنه من العقاب؛ لأنّ حرمة شرب النجس كانت فعليّة عليه من قبل إراقة الماء الطاهر، فلو شرب الماء النجس بعد الإراقة فقد خالف حكماً كان آناً مّا فعليّاً وغير حرجيّ عليه، وإن أصبح بعد ذلك حرجيّاً عليه بسوء اختياره.