المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

739

بالإجمال، فهذا الحقّ يكون من الدين، كما أنّ من الدين جزئيّة السورة للصلاة، ومانعيّة الضحك عنها، وشرطيّة الطهارة لها، وسببيّة الزوال لوجوب صلاة الظهر، التي سوف يأتي ـ إن شاء الله ـ أنّها عبارة عن اُمور واقعيّة منتزعة عن الأحكام المجعولة شرعاً، فدعوى شمول القاعدة لمثل هذا الحكم العقليّ في المقام تامّة في نفسها بحسب الاستظهار العرفيّ، ومرجع رفع الاحتياط الحرجيّ إلى رفع حكم العقل وهو وجوب الاحتياط، ومرجع رفع وجوب الاحتياط عقلاً إلى رفع منشأ انتزاعه، ورفع منشأ انتزاعه يكون بجعل الترخيص ظاهراً، من قبيل رفع الجزئيّة، فإنّ الجزئيّة يشملها لسان دليل الرفع ورفعها برفع منشأ انتزاعها.

وثانياً: أنّنا لئن سلّمنا أنّ دليل نفي العسر والحرج لا يشمل الحكم العقليّ فبإمكاننا أن نجريه في المقام لنفي جعل وجوب الاحتياط شرعاً، ونفي جعله بدليل نفي العسر والحرج يدلّ عرفاً على نفي منشأه، وهو اهتمام المولى بتكليفه في ظرف التردّد والإجمال(1)، فهناك فرق بين ما لو فرضنا مجرّد قطع خارجيّ بعدم جعل وجوب الاحتياط، وبين ما لو دلّ دليل نفي العسر والحرج على عدم جعله، فلو كان لدينا مجرّد قطع خارجيّ بعدم جعل وجوب الاحتياط، كما لو كنّا حاضرين لدى المولى فرأيناه لم يجعل وجوب الاحتياط، لم يكف هذا لرفع اليد عن الاحتياط عملاً؛ لأنّ احتمال اهتمام المولى بغرضه الواقعيّ في مقام التزاحم بينه وبين مصلحة التسهيل ـ مثلاً ـ كاف في حكم العقل بوجوب الاحتياط، إمّا لتعارض البراءات العقليّة وتساقطها، أو لأنّ العلم الإجماليّ يوجب بنفسه الامتثال القطعيّ ما لم يحرز عدم الاهتمام من المولى بغرضه بسبب التزاحم مع التسهيل مثلاً. أمّا حينما يدلّ دليل نفي العسر والحرج على عدم جعل الاحتياط، فهو يدلّ


(1) أو قل: فعليّة الحكم على كلّ تقدير وفق تعبير المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله).