المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

736

والآن نتكلّم على كلّ واحد من تلك المباني في أنّ القاعدة هل ترفع وجوب الاحتياط، أو لا؟

أمّا على المبنى الأوّل ـ وهو كون المنفيّ هو الحكم الضرريّ وبلسان نفي الحكم ـ: فيمكن تطبيق القاعدة على المقام بأحد تقريبات ثلاثة:

التقريب الأوّل: تطبيقها على نفس التكليف الواقعيّ؛ لأنّه أدّى إلى العسر والحرج من حيث كونه معلوماً؛ إذ مادام التكليف باقياً يستتبع وجوب الاحتياط عقلاً، ووجوب الاحتياط يستتبع العسر والحرج.

وهذا هو التقريب المنحصر في المقام(1) بناءً على كون العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، وأمّا بناءً على الاقتضاء فعلّة الحرج مركّبة من جزءين: أحدهما التكليف الواقعيّ، والآخر عدم الترخيص في المخالفة الاحتماليّة، فيكفي في رفع العسر والحرج إثبات الترخيص بأحد التقريبين الآخرين.

التقريب الثاني: تطبيقها على نفس عدم الترخيص الشرعيّ لكونه مؤدّياً إلى الحرج، فيثبت الترخيص.

ويمكن توهّم الإشكال على هذا التقريب بناءً على ما بنوا عليه: من أنّ قاعدة لا ضرر لا تنفي الأعدام، وإنّما تنفي الوجودات، فيقال: إنّ عدم الترخيص ليس حكماً وجوديّاً حرجيّاً، وإنّما هو عدم حرجيّ، فلا ينفى بالقاعدة.

ولكن التحقيق: أنّ رفع عدم الترخيص مرجعه بحسب الدقّة إلى رفع الحكم لا إلى رفع عدم الحكم؛ وذلك لما ذكرناه في الجمع بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة:


(1) ولو بأن يصار إلى التقريب الثالث ـ وهو رفع الاحتياط العقليّ ـ ويقال مرّة اُخرى: إنّ رفع الاحتياط العقليّ يكون برفع منشئه وهو التكليف الواقعيّ.