المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

735

الذي ينشأ منه الضرر والحرج، وأنّه على هذا المبنى لا يمكن تطبيق قاعدة نفي العسر والحرج في المقام.

وتوضيح ذلك بنحو تتّضح حقيقة الحال في المقام هو: أنّ هناك مباني ثلاثة في تفسير معنى قاعدة لا ضرر التي اُلحقت بها قاعدة نفي العسر والحرج:

المبنى الأوّل: ما هو ظاهر كلمات الشيخ الأعظم(قدس سره) وصريح كلمات المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وهو: أنّ المنفيّ في قوله: «لا ضرر ولا ضرار» ـ بعد عدم إمكان تفسيره بنفي الضرر التكوينيّ خارجاً ـ هو الحكم الناشئ منه الضرر، وذلك بلسان نفي الحكم، حيث إنّ عنوان النتيجة قد يجعل عنواناً ثانويّاً لذي النتيجة، فالنفي في لسان الدليل انصبّ على الحكم بعد ملاحظة تقمّصه بعنوان الضرر إشارة إلى ما هي النكتة في نفيه، وهي كونه ضرريّاً.

المبنى الثاني: ما ذهب إليه المحقّق الخراسانيّ(قدس سره)، وهو: أنّ المنفيّ واقعاً وإن كان هو الحكم لكنّه ليس لسان الدليل هو لسان نفي الحكم، بل هو ينفي الحكم بلسان نفي الموضوع الذي هو عبارة عمّا يشتمل على الضرر.

المبنى الثالث: ما هو مختار لنا في فهم قاعدة لا ضرر، وهو: أنّ المنفيّ هو الضرر بوجوده التكوينيّ، إلّا أنّه ليس المنفيّ هو مطلق الضرر التكوينيّ، بل الضرر التكوينيّ الناشئ من الشريعة، الإسلاميّة.

وهل المنفيّ هو خصوص الضرر الناشئ من الشريعة، أو أنّ النفي شمل كلّ ضرر تكوينيّ يترقّب نفيه من ناحية الشريعة ؟ وما هي الثمرات التي تترتّب على هذين الوجهين ؟ لا مجال للتعرّض لذلك هنا.

وتحقيق هذه المباني وذكر تمام إشكالاتها إثباتاً ونفياً، وأنّ كلّ ما نختاره من هذه المباني في قاعدة لا ضرر هل يسري إلى قاعدة نفي العسر والحرج، أو لا ؟ يأتي إن شاء الله بيانه في بحث قاعدة لا ضرر في آخر بحث أصالة البراءة.