والخلاصة: أنّ نسبة هذه التقييدات إلى نفي الحرج على حدّ سواء، ونسبتها إلى حفظ ملاك الواقع ليست على حدّ سواء، وإنّما الأقرب إلى ذلك هو القيد الأوّل، فرضا المولى بشرب الماء الأوّل مع ملاحظة القيد الأوّل وهو شرب الثاني ـ وذلك بأن لا يشرب الثاني ـ يصبح متيقّناً، فيؤخذ به، وسائر القيود تدفع بالإطلاق.
إن قلت: إنّنا نحتمل كون الخارج من تحت الحرمة أضيق من مجرّد فرض عدم شرب الماء الآخر بأن يكون الخارج من إطلاق الحرمة هو خصوص فرض عدم شرب الماء الآخر منضمّـاً إلى ذهابه إلى مكان كذا مثلاً، وذلك بدعوى أنّه كلّما فرضت دائرة الخروج من الحرمة أضيق كان ذلك أوفق بحفظ ملاك الواقع.
قلت: بعد تسليم(1) ما ذكر نقول: إنّ هذا الاحتمال يأتي بعينه في جانب نقيض ذاك القيد الإضافيّ، وهو عدم الذهاب إلى مكان كذا مثلاً، ولا نحتمل انحفاظ إطلاق الحرمة عند عدم شرب الآخر لكلتا حالتي وجود وعدم ذاك الشيء، وهو الذهاب إلى مكان كذا مثلاً، وإلّا لعاد العسر والحرج، فإطلاقها لكلّ واحدة من الحالتين يعارض إطلاقها للحالة الاُخرى ويتساقطان، وبالتالي لا يبقى دليل على الحرمة عند عدم شرب الآخر(2).
(1) أي: بعد فرض تسليم كون ذلك أحفظ لملاك الواقع. ولعلّ هذا إشارة إلى أنّ هذا لا يؤدّي إلى حفظ الواقع إلّا في فرض تحمّل المكلّف الأمر الحرجيّ، كما إذا لم يذهب إلى المكان الفلانيّ وتحمّل العطش، ولا إشكال أنّ هذا خلاف الفهم العرفيّ من دليل نفي العسر والحرج.
(2) إن قلت: عين هذا البيان يأتي بالنسبة لشرب الماء الطاهر في الزمان الثاني، وتوضيح ذلك: أنّه لو شرب الماء الطاهر في الزمان الأوّل فلا إشكال في حرمة شرب الماء النجس عليه. أمّا على تقدير عدم شربه للماء الطاهر في الزمان الأوّل، ففرض كون شربه للماء الطاهر في
←