المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

697

ولا يخفى أنّنا لو لاحظنا خصوص مقدار المعلوم بالإجمال في هذه العلوم الإجماليّة الصغيرة منضمّـاً إلى المعلومات التفصيليّة فقد مضى منّا أنّه لا يبعد عدم انحلال العلم الكبير بها، وإنّما المدّعى هنا أنّه لا يبعد كون أطراف المعلوم بالعلوم الإجماليّة الصغيرة بمجموعها شاملاً لمساحة المعلوم بالعلم الكبير أو أوسع منها، وهذا يوجب الانحلال الحكميّ لا الحقيقيّ، وتوضيح ذلك: أنّه إذا كان المعلوم بالعلم الصغير أقلّ من المعلوم بالعلم الكبير فمجرّد كون أطراف المعلوم بالعلم الإجماليّ الصغير مساوياً أو أزيد من المعلوم بالعلم الكبير وإن كان لا يوجب الانحلال؛ لأنّ البراءة في خارج دائرة العلم الصغير تعارضه البراءة عن الزائد على المقدار المعلوم بالإجمال في دائرة العلم الصغير، ولكن في خصوص ما نحن فيه قد يقال: إنّ البراءة في خارج دائرة العلم الصغير لا تعارض بالبراءة عن الزائد على المقدار المعلوم بالإجمال في داخل دائرة العلم الصغير؛ إذ لا مجال لهذه البراءة في المركّبات الارتباطيّة، فإذا كان المعلوم بالتفصيل من الصلاة ثمانية أجزاء مثلاً، وعلمنا إجمالاً بأحد جزءين آخرين فلا معنى لإجراء البراءة عن ثاني الجزءين؛ إذ لا ثمرة لها، فإنّ ثمرة البراءة عن الزائد على الواحد هي عدم استحقاق المرتكب لأكثر من واحد عدا عقاب واحد ولو كان الحرام في الواقع أزيد من واحد، بينما في المركّبات الارتباطيّة لا يتعدّد العقاب بتعدّد الأجزاء المتروكة.

ولكن يرد على هذا التقريب: أنّه تظهر ثمرة البراءة في كفاية تكرار الصلاة والإتيان بها مرّتين يأتي في إحداهما بالأجزاء الثمانية المعلومة تفصيلاً مع الجزء التاسع، وفي الاُخرى بتلك الأجزاء الثمانية مع الجزء العاشر، فإنّه بناءً على إجراء البراءة عن الزائد على الواحد يجوز له الاكتفاء بهاتين الصلاتين ولا يلزمه الإتيان بصلاة واجدة لتمام الأجزاء العشرة، بخلاف ما لو لم تجر البراءة عن الزائد. هذا فيما يمكن فيه التكرار لسعة الوقت.