المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

690

وفاؤه بذلك في أعصر سابقة كعصر السيّد المرتضى(رحمه الله)(1)، فإنّ طول الزمان له أثرفي دائرة انفتاح العلم وحدوده.

وإن لاحظنا باب العلميّ: فإن فرضنا أنّه ثبتت عندنا حجّيّة خبر الواحد والظواهر ـ كما هو الصحيح ـ فباب العلميّ مفتوح بالدرجة التي تضرّ بغرض الانسداديّ من دون فرق بين أن نقول بأنّ ملاك حجّيّة خبر الواحد هو وثاقة


(1) المقصود طبعاً هو افتراض انفتاح باب العلم في أعصر سابقة كعصر السيّد المرتضى بالمقدار المضرّ بغرض الانسداديّ لا الانفتاح المطلق. وأمّا ما يوجد في كلام السيّد المرتضى(رحمه الله): من دعوى انفتاح باب العلم بالأحكام إطلاقاً، فقد أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ الظاهر أنّ مقصوده ليس هو انفتاح العلم بالأحكام الواقعيّة، فإنّ دعوى انفتاح باب العلم إلى جلّ الأحكام مشكلة حتّى بالنسبة لزمان حضور الإمام(عليه السلام)، إلّا لقليل من الناس الذين يخالطون الأئمّة(عليهم السلام)ويعاشرونهم من قرب، فضلاً عن مثل زمان السيّد المرتضى، ولا شكّ في أنّ نفس السيّد المرتضى كان يشكّ أحياناً في الحكم فيرجع إلى الاُصول، وإنّما مراده الواقعيّ ـ ولو ارتكازاً ـ هو انفتاح باب العلم في تمام المسائل إلى الجامع بين الحكم الواقعيّ والوظيفة العمليّة، وإن لم يوضّح ذلك تماماً نتيجة عدم وضوح فكرة التمييز بين الاُصول العمليّة والأدلّة الاجتهاديّة في تلك الأعصر.

وبكلمة اُخرى: إنّ كلام السيّد المرتضى(رحمه الله) في المقام إنّما هو من سنخ ما كانوا يقولون: إنّ الأحكام كلّها عندنا قطعيّة بخلاف العامّة الذين يتمسّكون بالدليل الظنّيّ كالقياس والاستحسان، ونحن دائماً نعتمد على الدليل المورث للقطع بالحكم، وأدلّة الأحكام عندنا أربعة، وهي جميعاً قطعيّة، وهي الكتاب، والسنّة القطعيّة، والإجماع، والعقل، وأوّل مثال كانوا يذكرونه لدليل العقل هو البراءة، وذكر ابن إدريس في بيان منهجه في الكتاب: إنّ منهجي في الاستدلال موافق لمنهج قدماء مشايخنا، واستشهد بكلمات السيّد المرتضى، وذكر أنّنا لا نجيز في مسلكنا الإفتاء على أساس دليل ظنّيّ، بل دائماً نفتي على أساس دليل قطعيّ: من كتاب، أو سنّة، أو إجماع، أو عقل.