المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

69

قلت: هذا الكلام ظهر جوابه ممّا مضى في المقدّمة، فإنّ الحكم الظاهريّ بحجّيّة إطلاق دليل البراءة يكون في طول الشكّ في كون الحجّيّة للخبر أو للبراءة، ونسبته إلى حجّيّة الخبر كنسبة الحكم الظاهريّ إلى الواقعيّ، وليس كنفس الحكم الظاهريّ بالبراءة ابتداءً الذي كان في عرض حجّيّة الخبر، ولا منافاة بين احتمال عدم كون الشكّ في الواقع المقرون بورود خبر الواحد على الإلزام رافعاً لاهتمام المولى بالواقع، والقطع بكون هذا الشكّ منضمّاً إلى الشكّ في حجّيّة الخبر رافعاً لذلك.

وإن فرضنا أنّ الوظيفة الشرعيّة كانت هي استصحاب عدم وجوب الدعاء، فأيضاً يأتي عين ما ذكرناه في البراءة الشرعيّة حرفاً بحرف، ويكون الشكّ في حجّيّة الخبر مساوقاً للشكّ في تخصيص دليل الاستصحاب، فيتمسّك بإطلاقه. هذا بلحاظ الواقع.

وأمّا بلحاظ حجّيّة الخبر فالاستصحاب الجاري بلحاظ الواقع يكون دليلاً اجتهاديّاً على نفي الحجّيّة بالبيان الماضي، ولا تصل النوبة إلى البحث عن أنّه هل يمكن استصحاب عدم الحجّيّة، أو لا؟

وأمّا إن فرضنا أنّ الوظيفة الشرعيّة النافية للتكليف كانت هي العموم أو الإطلاق للدليل الدالّ على عدم وجوب الدعاء الشامل للدعاء عند رؤية الهلال، فأيضاً يكون المرجع بلحاظ الواقع هو هذا العموم أو الإطلاق، ولا يمنع احتمال حجّيّة خبر الواحد عن ذلك؛ لأنّ دليل حجّيّة العموم أو الإطلاق دلّ على كونه حجّة ما لم تعلم معارضته بحجّة أقوى منه، والمفروض عدم وصول حجّيّة هذا الخبر، فيبقى العموم أو الإطلاق باقياً على حجّيّته. نعم، هذا العموم أو الإطلاق ليس دليلاً اجتهاديّاً على عدم حجّيّة هذا الخبر كما كان كذلك في البراءة والاستصحاب؛ وذلك لأنّ هذا العموم أو الإطلاق لا يدلّ على حكم ظاهريّ في عرض حجّيّة الخبر، وإنّما يدلّ على عدم وجوب الدعاء عند رؤية الهلال واقعاً، ولا منافاة بين عدم وجوبه واقعاً وحجّيّة الخبر الدالّ على وجوبه. وأمّا حجّيّة هذا