المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

681

المظنون كان بحكم العقل بلا حاجة إلى نكتة خارجيّة، ولكنّ فرقه عن العمل بالظنّ في الشبهة الموضوعيّة هو: أنّ الظنّ ليس هو الذي عيّن بنفسه مورد امتثال تكليف منجّز كما في الشبهة الموضوعيّة، وإنّما دوره دور ترجيح أحد التنجيزين لنفس العلم على التنجيز الآخر له عند تعارضهما بالاضطرار إلى ترك أحد الفردين، فقد تعيّن الامتثال الظنّيّ لا لحجّيّة الظنّ في عالم الامتثال، بل لتنجيز العلم الإجماليّ خصوص الجانب المظنون، وحجّيّة الظنّ في عالم الامتثال هي التي نسمّيها بالحكومة، أمّا العمل بالظنّ في الشبهات الحكميّة لأجل الترجيح الذي عرفت، فهو تبعيض في الاحتياط وإن كان العقل هو الذي حكم بضرورة العمل بالظنّ.

وبهذا البيان ترتفع المنافاة بين توجيهنا لكلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، والأمر الثاني من الأمرين اللذين نقلناهما عن تقرير الشيخ الكاظميّ(قدس سره).

الوجه الثاني: مبنيّ على القول بأنّ العلم الإجماليّ لا يسقط بطروّ الاضطرار إلى أحد الفردين عن تنجيزه للخصوصيّتين، بل تبقى الخصوصيّتان منجّزتين حتّى بعد الاضطرار، ويقع التزاحم بين تكليفين احتماليّين منجّزين، وهو يشبه التزاحم بين التكليفين المنجّزين بالقطع، كما في مثال الإزالة والصلاة في الوقت مع العجز عن الجمع بينهما، إلّا أنّ التزاحم هنا ليس بين تكليفين قطعيّين، بل بين تكليفين محتملين، ويرجع عندئذ إلى مرجّحات باب التزاحم، فكما أنّ الأهمّـيّة مرجّحة في باب تزاحم التكليفين القطعيّين، كذلك هي مرجّحة في تزاحم التكليفين المحتملين المنجّزين. والأهمّـيّة تارةً تكون باعتبار المحتمل بمعنى أقوائيّة الغرض، واُخرى باعتبار الاحتمال بمعنى أقوائيّة الاحتمال لكون هذا مظنوناً وعدله الآخر موهوماً، فيقدّم المظنون بحكم العقل، ولكن لا لأجل كون الظنّ ابتداءً معيّناً لمورد الامتثال بعد التنزّل عن الامتثال القطعيّ كما في الشبهات