المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

672

وبالإمكان أن يجعل مجموع الإشكالين ـ أعني: إشكال السيّد الاُستاذ، وإشكال المحقّق النائينيّ ـ إشكالاً واحداً ذا شقّين، بأن يصاغ الإشكال على المحقّق الخراسانيّ ببيان: أنّه هل المراد من حكم العقل بحجّيّة الظنّ عند الانسداد جعله للظنّ حجّة، أو إدراكه الحجّيّة بذاته لا بجعل جاعل ؟ فعلى الأوّل يرد عليه: أنّه ليس من وظيفة العقل الجعل والتشريع، وعلى الثاني يرد عليه: أنّ الحجّيّة التي لم تكن من ذاتيّات الظنّ ـ لكونه كشفاً ناقصاً ـ يستحيل أن تصبح من ذاتيّاته لدى عروض الانسداد، بل لعلّ هذا هو المقصود للمحقّق النائينيّ(رحمه الله)، فإنّه يستفاد كلا شقّي الإشكال من تقرير الشيخ الكاظميّ(قدس سره)(1).

وعلى أيّ حال، فمقصود المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) كما يستفاد من عبارته ليس هو جعل العقل الحجّيّة للظنّ حتّى يرد عليه الشقّ الأوّل من الإشكال، وإنّما مقصوده هو إدراك العقل لحجّيّة الظنّ عند الانسداد على حدّ إدراكه لحجّيّة القطع، فإن ورد عليه إشكال فإنّما يرد عليه الشقّ الثاني من الإشكال. والصحيح عدم ورود هذا الشقّ من الإشكال عليه أيضاً، فإنّ حجّيّة القطع كما مضى منّا تفصيلاً ليس من اللوازم الذاتيّة للقطع بالمعنى الذي يقولونه، وإنّما هي مرتبطة بحقّ المولويّة، وواقع المطلب: أنّ للمولى حقّ الطاعة علينا، فلو فرضنا ـ مماشاةً في النتيجة مع الأصحاب ـ أنّ الداخل في دائرة هذا الحقّ هو خصوص التكاليف المعلومة أنتج ذلك كون القطع حجّة دون الظنّ والشكّ، والحجّيّة التي ثبتت للقطع بهذا النحو لا مانع من ثبوتها بهذا النحو للظنّ أحياناً، بأن يحكم العقل في بعض الأحيان بأنّ التكاليف المظنونة داخلة تحت دائرة حقّ المولويّة لنكتة مّا كدخول التكاليف المعلومة إطلاقاً في تلك الدائرة. والصحيح: أنّ ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من معنى الحكومة في غاية المتانة.


(1) راجع فوائد الاُصول، ج 3، ص 102.