المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

654

ولا يتوهّم أنّ هذا البحث بالنسبة لجانب هذا الخبر الإلزاميّ غير مثمر؛ لأنّ المعلوم بالإجمال في دائرة الأخبار الإلزاميّة مقداره أكثر من مقدار مادّة الاجتماع بين العلمين، فيوجد ـ لا محالة ـ علم إجماليّ في دائرة الأخبار الإلزاميّة حتّى بقطع النظر عن مادّة الاجتماع، وهو كاف في تنجيز هذا الخبر الإلزاميّ.

فإنّ هذا التوهّم مدفوع بأنّه وإن كان المعلوم بالإجمال أكثر من مقدار مادّة الاجتماع بين العلمين، فمادّة الاجتماع فرد واحد والمعلوم بالإجمال عشرة مثلاً، لكن المقصود هو بيان تنجّز العاشر بحيث لو ارتكب الجميع عوقب بعقابات عشرة لا تسعة.

والتحقيق: أنّ هذين العلمين ينجّزان مادّتي الافتراق، ويكون الاحتياط فيهما واجباً؛ لأنّ كلّ واحدة منهما طرف لعلم إجماليّ، والعلمان وإن عجزا عن تنجيز مادّة الاجتماع لتعاكسهما في التأثير لكن هذا لا يمنع عن تأثيرهما في مادّتي الافتراق.

ويمكن أن يتخيّل بأحد الوجوه سقوط العلمين عن التأثير حتّى في مادّتي الافتراق:

منها: قياس ما نحن فيه بباب الاضطرار إلى أحد أطراف العلم الإجماليّ بعينه بأن يقال: إنّ مادّة الاجتماع حالها حال ذلك الفرد المضطرّ إليه، فكما يسقط العلم الإجماليّ في ذاك الباب عن التأثير حتّى بالنسبة للفرد غير المضطرّ إليه كذلك الأمر فيما نحن فيه.

ويرد عليه: أنّ القياس مع الفارق؛ إذ في باب الاضطرار يكون التكليف على فرض وجوده في جانب المضطرّ إليه مرفوعاً بالاضطرار، فليس لنا علم بالتكليف على كلّ تقدير، ويصبح احتمال التكليف في الجانب الآخر شكّاً بدويّاً. وأمّا فيما نحن فيه، فنحن غير مضطرّين إلى مادّة الاجتماع ولا إلى تركه، وإنّما نحن مضطرّون إلى جامع المخالفتين الاحتماليّتين، أي: إلى الجامع بين الفعل والترك؛ لاستحالة خلوّ الإنسان عنهما، والاضطرار إلى جامع الفعل والترك لا يرفع