المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

650

وأمّا أصالة الاشتغال: فمثالها: ما لو علمنا إجمالاً بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو عند رؤية الشمس، ودلّ الخبر على حرمة الدعاء عند رؤية الهلال، وهنا يختلّ أثر أصالة الاشتغال، وأثر الخبر في مادّة الاجتماع. توضيح ذلك: أنّ هنا في الحقيقة علمين متعاكسين: أحدهما: العلم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو عند رؤية الشمس. والآخر: العلم بحرمة الدعاء عند رؤية الهلال، أو صدق خبر إلزاميّ آخر من الأخبار الإلزاميّة، ومادّة الاجتماع في هذين العلمين هي الدعاء عند رؤية الهلال، ولا يتنجّز علينا شيء من الحكمين بالنسبة لمادّة الاجتماع؛ لأنّ نسبة منجّزيّة كلّ من العلمين إليها على حدّ سواء، فتأثير أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، وتأثير كليهما معاً بأن يتنجّز علينا الوجوب والحرمة في وقت واحد غير ممكن، فمادّة الاجتماع حالها حال موارد دوران الأمر بين المحذورين وإن لم تكن منها؛ لعدم الدوران بين الوجوب والحرمة؛ لاحتمال كون مادّة الاجتماع لا واجبة ولا محرّمة؛ إذ من المحتمل وجود المعلومين في مادّتي الافتراق. والحاصل: أنّ كلّ ما كان من قبيل دوران الأمر بين المحذورين، أو يشبهه في كون نسبة تنجيز الوجوب والحرمة إليه على حدّ سواء لا يتنجّز الحكم فيه علينا؛ لأنّه لا معنى لإطاعة المولى فيه، وبالتالي لا معنى لثبوت حقّ الطاعة فيه للمولى.

وإذا سقطت مادّة الاجتماع عن التنجّز فهل تبقى مادّتا الافتراق على تنجّزهما، أو لا ؟

تارةً: نفترض انتزاع علم إجماليّ ثالث قائم بمادّتي الافتراق، وعندئذ لا إشكال في تنجّزهما؛ إذ يكفي في تنجّزهما العلم الثالث.

واُخرى: نفترض عدم انتزاع ذلك، فعندئذ يقع الكلام في كفاية العلمين الأوّلين في تنجيزهما وعدمها، فالكلام يقع في المقامين:

المقام الأوّل: في أنّه هل ينتزع من ما نحن فيه علم إجماليّ ثالث قائم بمادّتي