المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

65

تنافي بينهما إلّا من حيث التعذير والتنجيز المترتّبين على الوصول، والمفروضعدم وصول حجّيّة خبر الواحد.

وأمّا بناءً على المبنى المختار فتقع المنافاة بين الحكمين الظاهريّين بقطع النظر عن الوصول؛ إذ من الواضح أنّ اهتمام المولى بغرضه عند الشكّ وعدمه نقيضان لا يجتمعان، والمفروض أنّ المدلول التصديقيّ العرفيّ لأدلّة الأحكام الظاهريّة الموجبة للتنجيز والتعذير هو الاهتمام بالغرض عند الشكّ وعدمه، كما أنّ المدلول التصديقيّ لأدلّة الأحكام الواقعيّة نفس الغرض، وأمّا نفس الجعل والاعتبار بما هو فلا أثر له ولا يكون موضوعاً لحكم العقل لا في الأحكام الواقعيّة ولا في الأحكام الظاهريّة. وعلى هذا فدليل البراءة في المثال الذي ذكرناه ـ المقتضي بإطلاقه تشريع البراءة عن الدعاء عند رؤية الهلال سواء دلّ خبر الواحد على وجوبه أو لا ـ يدلّ لا محالة على عدم حجّيّة خبر الواحد؛ إذ هو يدلّ على عدم اهتمام المولى بغرضه عند الشكّ حتّى لو اقترن الأمر بورود خبر الواحد الدالّ على الوجوب، بينما حجّيّة خبر الواحد لو كانت مشرّعة فهي تدلّ على اهتمام المولى بغرضه عند الشكّ المقترن بورود خبر الواحد على الوجوب، فهما متنافيان لا محالة.

نعم، سنتمسّك عندئذ بدليل حجّيّة الإطلاق الذي هو دليل ثالث من أدلّة الأحكام الظاهريّة غير دليل البراءة وغير دليل حجّيّة خبر الثقة، ونثبت بذلك جريان البراءة في المقام، سواء وجد خبر الواحد أو لا؛ لأنّ دليل البراءة مطلق، وهذا الإطلاق حجّة لنا مادمنا غير جازمين بحجّيّة خبر الواحد، وحجّيّته في طول الشكّ في حجّيّة خبر الواحد، أي: أنّ نسبة هذا الحكم الظاهريّ الثالث إلى حجّيّة خبر الواحد في الواقع كنسبة الحكم الظاهريّ إلى الواقعيّ وليس في عرضه، فهما غير متعارضين، كما أنّ الحكم الظاهريّ والواقعيّ غير متعارضين. ولا منافاة بين افتراض أنّ الشكّ في الدعاء عند رؤية الهلال وحده لا يكون رافعاً لاهتمام