المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

646

 

 


ثُمّ إنّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) ذكر جوابين عن أصل الشبهة في المقام:

الجواب الأوّل: أنّ العلم الإجماليّ بصدق بعض الأخبار المرخّصة ليس في دائرة الاستصحابات الملزمة بالذات، وإنّما هو في دائرة مطلق الاُصول الملزمة والمرخّصة، والاُصول المرخّصة ساقطة من أوّل الأمر وبقطع النظر عن حكومة الخبر(1)؛ وذلك للعلم الإجماليّ بالإلزام، فتبقى الاُصول المثبتة سليمة عن العلم الإجماليّ بوجود الحاكم.

والجواب الثاني: أنّه لو أمكن دعوى تقييد دليل الأصل في طرف العلم الإجماليّ بصورة عدم العلم بالأصل في الطرف الآخر فلازمه التخيير بالعمل في الاُصول المثبتة من دون علم إجماليّ بوجود الحاكم على ما يجري من الأصل.

أقول: إنّ الجواب الأوّل لا يبقى له موضوع لو فرض انحلال العلم الإجماليّ في دائرة الاُصول المرخّصة بالعلم الإجماليّ فيما دخل منها في دائرة الأخبار الإلزاميّة، ولو لم يفرض ذلك لزم الاحتياط في أكثر من دائرة الأخبار.

وعلى أيّ حال، فقد يورد على هذين الجوابين: أنّ احتمال الحاكم على الاستصحاب حاله حال العلم الإجماليّ بالحكم في كفاية ذلك لمنع التمسّك بالاستصحاب؛ لأنّ التمسّك به مع احتمال الحاكم تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة إلّا أن نرجع إلى استصحاب عدم الحاكم، وهذا رجوع إلى الجواب الحلّيّ لاُستاذنا الشهيد(رحمه الله)، فإنّ استصحاب عدم الحاكم يجري حتّى مع العلم الإجماليّ به مادام لا توجد مخالفة عمليّة للتكليف.

وقد يقال ـ بعد فرض غضّ النظر عن استصحاب عدم الحاكم ـ: إنّ هناك فرقاً بين فرض العلم الإجماليّ بالحاكم وبين مجرّد احتمال الحاكم، وذلك بناءً على دعوى أنّ حكومة الحاكم مشروطة بوصوله ولو إجمالاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذه الحكومة مبنيّة على مبنى المشهور: من حكومة الدليل على الأصل وإن كان موافقاً له.