المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

645

للاستصحاب تعبّداً، وبهذا ثبت سقوط بعض هذه الاستصحابات إجمالاً بوجود الحاكم، والتمسّك بالاستصحاب في أيّ مورد من تلك الموارد تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

وهذا البيان ـ كما ترى ـ لا يرد عليه الإشكال المتقدّم؛ إذ لم يفرض سقوط الاستصحابات بالعلم الإجماليّ بانتقاض بعض الحالات السابقة، كي يقال: إنّ العلم الإجماليّ بالانتقاض لا يضرّ بركن الاستصحاب، وهو الشكّ وعدم اليقين بالانتقاض في كلّ مورد بخصوصه، وإنّ العلم الإجماليّ بالترخيص لا يوجب تساقط الاستصحابات الملزمة، وإنّما فرض سقوط الاستصحابات بالعلم الإجماليّ بابتلاء بعضها بالحكم، وهو الحجّيّة التعبّديّة لظهور الخبر الوارد في مورده الذي هو كاليقين بالانتقاض، فالتمسّك في أيّ مورد من موارد تلك الاستصحابات بدليل الاستصحاب تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة(1).

 


(1) قد يقال: إنّ العلم الإجماليّ بوجود الحاكم على بعض تلك الاُصول إنّما يوجب سقوط ذاك البعض المعيّن عند الله ويبقى الباقي منجّزاً، وبالتالي يجب الاحتياط بالعمل بكلّ تلك الاُصول، ولعلّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) كان ينظر إلى الجواب على هذا الإشكال فذكر في مقالاته: أنّ العلم الإجماليّ بصدق بعض هذه الروايات أوجب سقوط بعض الاُصول عن الاعتبار الموجب لسقوط الجميع؛ لعدم المرجّح. فكأنّ مقصوده(رحمه الله)من هذا الكلام: أنّنا نعلم إجمالاً بوجود الحاكم على بعض هذه الاُصول المبتلاة بالمعارضة مع الروايات المرخّصة ونحتمل صدق كلّ هذه الروايات، أي: ابتلاء كلّ تلك الاُصول بالحاكم، ومعه لا يكون لمعلومنا الإجماليّ تعيّن، وهذا يوجب سقوط الكلّ؛ لعدم المرجّح.

أقول: قد يدّعى: أنّ الفهم العرفيّ لا يقبل هذا التدقيق، بل يقول: إنّ العلم الإجماليّ أسقط البعض بالحاكم وبقي ما عداه، وبالتالي يجب الاحتياط بالعمل بجميع تلك الاُصول المثبتة.