المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

644

الحكم الظاهريّ يتنجّز بالعلم كالحكم الواقعيّ. وعندئذ لا يوجد هنا أيّ مؤمّن في مقابل هذا الاستصحاب، أمّا الخبر النافي فلا معنى لمؤمّنيّته، فإنّه طرف للعلم الإجماليّ الثاني الذي لا أثر له، وأمّا البراءة العقليّة ـ لو قلنا بها ـ فموضوعها عدم البيان، ودليل الاستصحاب بيان، وأمّا البراءة الشرعيّة: فإن كان دليلها خبر الواحد فلا يزيد على أصل الخبر النافي في المقام، وإن كان دليلها قطعيّاً فهو معارض بالدليل القطعيّ للاستصحاب، ويتقدّم دليل الاستصحاب عليه بالأخصّيّة.

وتوجد هنا شبهة في جريان الاستصحاب، وهي: أنّه لا يجوز التمسّك بالاستصحاب حتّى إذا فرض دليله قطعيّاً؛ للعلم بانتقاض الحالة السابقة في بعض موارد الاستصحاب، ولا يمكننا تعيين موارد الانتقاض؛ إذ لا معيّن لها إلّا أخبار الآحاد التي لم تثبت حجّيّتها بحسب الفرض.

وإن سلّمنا هذا العلم الإجماليّ قلنا: إنّ جواب هذه الشبهة إذا اقتصر في بيانها على هذا المقدار من التقريب واضح بناءً على ما هو التحقيق: من أنّ الاُصول إذا لم يلزم من جريانها في أطراف العلم الإجماليّ المخالفة العمليّة تجري بلا تعارض بلا فرق بين الاستصحاب وغيره، وما نحن فيه من هذا القبيل؛ لأنّ المعلوم بالإجمال ترخيصيّ.

إلّا أنّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) بيّن هذه الشبهة ببيان أدقّ(1) لا يرد عليه هذا الإشكال، وهو: أن نفترض أنّنا نعلم إجمالاً بصدور بعض الأخبار الترخيصيّة المخالفة لبعض الاستصحابات الإلزاميّة، وعندئذ يمكن أن يقال: إنّ ذاك الخبر الصادر يتمتّع بحجّيّة ظهوره تعبّداً، وهذه الحجّيّة الشرعيّة المعلومة إجمالاً في هذه الدائرة حاكمة على الاستصحاب في موردها؛ إذ يحصل بها العلم الذي جعل غاية


(1) راجع مقالات الاُصول، ج 2، ص 40.